توبكُتّاب وآراء

خالد إدريس يكتب : مصر فرضت إرادتها في غزة

بعد توقف الحرب في غزة، لا بد لنا من استرجاع ما جرى منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ لنفهم تمامًا الدور الكبير الذي لعبته مصر في تلك الأحداث الفارقة، والأثر الذي تركه موقفها الثابت على مجريات القضية الفلسطينية ، تلك اللحظات التاريخية كشفت عن حجم الضغوط الدولية التي مورست على مصر، إلا أن القاهرة، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، تمسكت بموقفها الوطني والعروبي، الذي حمى حقوق الفلسطينيين ورفض كل محاولات فرض مخططات تدميرية على المنطقة أو تغيير ديموغرافيتها .

مع تدهور الأوضاع في قطاع غزة بعد الهجمات الإسرائيلية، اتخذت عدة أطراف دولية خطوات هجومية ضد مصر ، حيث طالبتها بفتح حدودها لاستقبال الملايين من الفلسطينيين الهاربين من الموت في غزة.
خرجت أميركا ممثلة في رئيسها بايدن ووزير خارجيتها أنتوني بلينكن ، ثم المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض ، ثم المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية ، ثم منسق شئون الشرق الأوسط ؛ جميعهم خرجوا وبشكل رسمي ومعلن يطالبون مصر بفتح حدودها واستقبال 2 مليون ونصف فلسطيني هم سكان قطاع غزة داخل سيناء
وتوالت الضغوط من أطراف دولية أخرى حيث خرجت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي ، ثم رئيس شئون الاتحاد الأوروبي السياسية والأمنية ، ثم منسق السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي ، ثم خرج رؤساء فرنسا وبريطانيا وألمانيا وايطاليا على الهواء مباشرة ليطالبوا مصر بفتح حدودها واستقبال مليونين ونصف فلسطيني بسيناء .
وأمام موقف مصر الصلب ، كرروا الطلب في شكل خبيث ، ناشدوا مصر أن تفتح حدودها وأبوابها للفلسطينيين ، وأن تستقبلهم في أي مكان على أرضها وليس شرطا في سيناء .
ولدعم هذا الاتجاه ، خرجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بدراسات ديموجرافية عن عدد الشقق والوحدات السكنية الخالية في عدة مدن مصرية مصحوبة بخرائط تفصيلية لإيواء وتسكين الفلسطينيين من أهل غزة في هذه الأماكن والمدن مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر

وفي عز الصلابة المصرية الرافضة لتهجير الفلسطينيين أرادوا زعزعة الثقة في الموقف المصري، وخرجت عشرات الأبواق الإعلامية العربية والأجنبية لتؤكد أن مخطط التهجير يتم تنفيذه بالفعل على الأرض ، وبعضهم أحضر صور أقمار صناعية مزيفة لمخيمات أقيمت على أرض سيناء ، وأقسم آخرون بأغلظ الإيمان أن لديه معلومات استخبارية مؤكدة بأن مصر وافقت على الصفقة ، وخرجت شائعات تزعم أن الرئيس السيسي هجَّر أهالي رفح المصرية ، وأنشأ منطقة عازلة وبنى مدينة سكنية جديدة لإيواء الفلسطينيين القادمين من غزة تنفيذا لصفقة القرن .
وعنما يأسوا من الاستجابة لمطالبهم وأوامرهم ، عادوا وطلبوا من مصر استقبالهم ثم ترحيلهم الى أي جهات أخرى خارج مصر ، وانهالت وقتها على مصر العروض السخية بمبالغ خرافية ومميزات اقتصادية ، بدءاً من مساعدات ومنح مليارية هائلة ، مرورا بإسقاط وتصفير ديون مصر كلها وضبط سعر الصرف وتشجبع تدفق الاستثمارات الأجنبية .
ولم تفلح سياسة الجزرة مع مصر فانقلبوا لسياسة التلويح بالعصا ، فضيقوا الخناق على مصر وحاصروها بالتشويه والشائعات والتقييمات الاقتصادية السلبية وسحب الاستثمارات …إلخ
وفي مواجهة كل هؤلاء ، كان موقف مصر والرئيس السيسي صلبا عنيدا راسخا مصراً على خمس لاءات ، لا لتهجير الفلسطينيين ولا لتصفية القضية الفلسطينية ، ولا لإحتلال غزة وأرض فلسطين ، ولا للتنازل عن مطالب قيام دولة فلسطينية على حدود ما قبل ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية ، ولا لدخول أرض مصر تحت أي ذريعة وأي سبب .

وفي النهاية فرضت مصر إرادتها على العالم كله ، ورسمت خريطة الشرق الأوسط الجديد كما تريدها هي لا كما يريدها العالم ، ليدحض الموقف المصري كل الأكاذيب التي تم ترويجها خلال الفترة الماضية ليتأكد للفلسطينيين والعالم أجمع أن مصر هي الأحرص على عدم تصفية القضية الفلسطينية وهي الأحرص على عدم إراقة الدماء الفلسطينية والعربية، وهي حائط الصد العربي الحصين .
حفظ الله مصر وقائدها وجيشها العظيم من كل سوء.
Khalededrees2020@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى