خالد إدريس يكتب : جحيم ترامب والعدالة المفقودة
في عام 2016، قبل أن يصبح ترامب رئيسًا في ولايته الأولى ، صرح أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات حاسمة ضد إيران إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن المحتجزين في إيران. في ذلك الوقت، كانت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران قد تصاعدت بشكل كبير، وكان ترامب يتبنى سياسة الضغط ضد إيران، خصوصًا فيما يتعلق ببرنامجها النووي. وقد تضمنت تصريحاته تهديدًا مباشرًا بإمكانية أن يتحول الشرق الأوسط إلى جحيم إذا لم تفرج إيران عن الرهائن.
تصريحات ترامب كانت جزءًا من استراتيجية الضغط التي استخدمها ضد إيران، والتي شملت أيضًا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018 وهو الاتفاق الذي وقعته إدارة الرئيس أوباما.
سياسة ترامب في التعامل مع إيران كانت تتسم بالعنفوان، حيث كانت تهديدات الحرب والتصعيد العسكري حاضرة في خطابه طوال فترة رئاسته، ولم يكن هذا التصريح الوحيد من نوعه، بل كان يتماشى مع سياسة الضغط القصوى التي كانت تهدف إلى إجبار إيران على التراجع في عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
ومنذ أيام أطلق ترامب وقبيل تنصيبه أيضا تحذيرًا شديد اللهجة، مؤكدًا أنه إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير 2025، فإن الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط”.
بالرغم من أن تصريحات ترامب حول تحويل المنطقة إلى “جحيم” في المرتين قد يكون مبالغًا فيها، إلا أن هذا النوع من الخطابات يعكس أسلوبه الهمجي الغريب في التعامل مع السياسة الدولية . ترامب اعتاد استخدام أسلوب الاستفزاز والتهديدات العلنية كوسيلة لتحقيق أهدافه السياسية، سواء كانت متعلقة بالرهائن أو بالتحولات الجيوسياسية في المنطقة ، وكأن أحدا لا يجرؤ على معارضته.
لقد تعرضت إسرائيل منذ تأسيسها لانتقادات واسعة من المجتمع الدولي بسبب سياستها تجاه الفلسطينيين وسياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية ، والتي تعد خرقًا لقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد أن هذه الأراضي تعتبر أراضي محتلة بحسب القانون الدولي والاستيطان في الأراضي المحتلة يعتبر غير قانوني، لكن إسرائيل استمرت في توسيع مستوطناتها في تحد غريب ومريب على الرغم من الانتقادات الدولية.
وارتكبت إسرائيل جرائم مروعة بحق الفلسطينيين ، وانتهاكات لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، مثل الاعتقالات التعسفية ، و استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، و فرض الحصار على غزة ، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير. ولم يعاقب أحد دولة الاحتلال ولم يتدخل أحد لوقف هذه الانتهاكات ، والسبب هي الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل، والتي دائمًا ما تستخدم الفيتو في مجلس الأمن الدولي لحماية إسرائيل من أي محاسبة دولية.
ليس غريباً على الولايات المتحدة أن تحمي الكيان الصهيوني من أية مساءلة ، فهي الأخرى متهمة بانتهاك العديد من القوانين الدولية ، ولعلنا لم ننسى التدخل العسكري في مناطق مثل العراق و أفغانستان. ثم غزو العراق في عام 2003، بحجة وجود أسلحة دمار شامل، رغم أن قرارها لم يكن مدعومًا بقرار من مجلس الأمن الدولي، مما جعله يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي . ورغم أن التحقيقات أثبتت عدم وجود أسلحة دمار شامل، استمرت الولايات المتحدة في تبرير تدخلاتها العسكرية في المنطقة.
إن غياب المساءلة القانونية الفعالة للممارسات الإسرائيلية والأمريكية يعزز الفوضى، ويزيد من الاحتقان السياسي ويعمق من الاستقطابات العالمية وتعزيز الأحلاف والمعسكرات المتحفزة لبعضها.
وتبقى تصريحات ترامب بشأن تحويل المنطقة إلى جحيم لو لم يتم الإفراج عن الرهائن مثالًا على سياسة البلطجة والاستعلاء . وتظل القضية الفلسطينية، وصراعات الشرق الأوسط، والتدخلات العسكرية الأمريكية، تمثل تحديات كبيرة للعدالة الدولية التي يفتقرها العالم أو تلك الغابة التي نعيش فيها.
Khalededrees2020@gmail.com
اقرأ أيضا للكاتب خالد إدريس :
خالد إدريس يكتب : أحلام مؤجلة بين التحديات والفرص