السّامِري .. هو رجل من بني إسرائيل يُدعى السامري استغل فرصة ذهاب رسول الله موسى عليه السلام إلى مناجاة ربه على جبل الطور ليسأله عن كثير من الأمور التي غابت عنه، فأخذ ما كان لدي بني إسرائيل من الذهب وصنع لهم منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب كان أخذها من أثر فرس جبريل، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه، فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي، وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كما تخور البقرة ، وأخبرهم السامري أن موسى نسى ربه عندنا وذهب يناجيه وهو هنا.
وقد ورد اسمه هذا الرجل صراحة في سورة طه حيث قال تعالى ««وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى، قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى، قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ (السَّامِرِيُّ)، فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي، قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ، أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً».
كما وردت القصة كذلك في سورة الأعراف حيث قال تعالى«وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ، وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ».
ولما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، أقبل على أخيه هارون عليه السلام وزجره قائلاً له «يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي»، فقال: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ»، وأخبره أنه زجرهم ونهاهم عن عبادة ذلك العجل وأن الله قدّر أمر هذا العجل وجعله يخور فتنة واختباراً لهم، لكنهم أعرضوا وقالوا له أنهم سيظلوا عليه عابدين حتى يرجع موسى، بحسب ما روى موقع جامعة أم القرى في قصة السامري والعجل.
ثم أقبل موسى على السامري وقال له « فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ»، فقال «بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ» أي رأيت جبرائيل وهو راكب فرساً «فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ» أي من أثر فرس جبريل فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع من الذهب كان من أمره ما كان ولهذا قال «فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ»، وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحداً، معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه، هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى فقال: «وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ».
ثم عمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل، فحرقه قيل بالنار، كما قاله قتادة وغيره وقيل بـ «المبارد» أي «المبرد»، كما قاله عليّ وابن عباس وغيرهما، وهو نص أهل الكتاب، ثم ذراه في البحر.
*سر فتنة بني إسرائيل بالعجل .. من تفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله
هل تعرف لماذا فُتن بني إسرائيل بالعجل ؟
لأن الذهب المصنوع منه العجل من أصل حرام.. والحرام لا يأتي منه خير مطلقا….
والحرام ينقلب على صاحبه شراً ووبالًا..
والحرام يدخل في تكوين خلاياك إن كان طعامك من حرام …
والحرام إذا دخل الجسد يميل فعلك إلى الحرام..ويسوقك إلى المعاصي.
يقول رسول الله صلّ الله عليه وسلم: “إن الله تعالى طيب لا يقبل إلّا طيبا، .ثم ذكر، الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمُد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأَنَّى يستجاب لذلك”.
قال تعالى: “ياأيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صَالِحاً ”
وقال تعالى: “ياأيها الذين آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ واشكروا للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ”.