توبكُتّاب وآراء

صبري حافظ يكتب : الأخطبوط السوري .. أطماع وأزمات

رغم تفاؤل بعض السوريين بعد إزاحة الطغيان والظلم وشم نسائم الحرية والتحرر، إلّا أنّ الخوف أنْ يُطل فجأة برأسه ” غول الانقسام والانفصال” والعودة للطائفية والدخول في نفق الدولة الفاشلة، أسوأ من العودة لـ المربع الأول، وأكثر قتامة وأشد سوادًا، ويبدو بالأفق ملامح “غابرة” كاشفة من بعيد، تقترب وتبتعد حسب الأوضاع على الأرض.

مخاوف لاتخْفى على القيادة الحالية في سوريا وهي أزمات وتحديات متعددة ومتشعبة تشعب الأخطبوط في تعددها وترابطها وتعقيداتها.

تشكيل الجيش السوري القوي  يُعد صداعًا  في رأس القيادة السورية ،وهو من أصعب المهام أمام أحمد الشرع ورجاله لأنه سيبني جيشا جديدًا ” نظاميًا” ويستنسخ من سلالات الميليشيات والفصائل مجموعات منسجمة انتمائها للوطن قبل الطائفية وعقيدة راسخة بالدور الوطني لجيش أمة متعددة الطوائف والفصائل ومتنوعة الفكر والرؤى والتوجه.

وهذه أزمة الأزمات لأن توحد الفكر بعيدًا عن الطائفية وإبعاد أفكارًا قديمة متشعبة ارتوا بها إيدلوجيًا ودينيًا لدى بعض الفصائل معضلة حقيقية، ومن الصعب على جندي أو ضابط ميليشياوي يغير جلده سريعا بعد سنوات تعلم فيها أفكارًا وعقيدة معينة ، بخلاف الأنظمة العسكرية نفسها ومدى القدرة على التجاوب مع الهيكلية الجديدة للجيش النظامي وسرعة استيعاب الفكر الحديث في التسليح والآلات والأنظمة الأحدث.

هو سباق مع الزمن واستدعاء جهدًا خارقا في الاقناع والاستيعاب لأن الوصول سريعا لجيش قوي إخماد لمحاولات أعداء الداخل لبث الفتن، وإذا كانت الأمور حاليا شبه مستقرة ترقبًا وتخطيطًا لما هو قادم، فبعد شهور وأسابيع ستختلف الأوضاع، لاسيما مع  جغرافية يتنافس عليها داعش، و التواجد الأمريكي و”حَلْب” البترول السوري بالحسكة، و الشمال الشرقي شبه منفصل ويد القيادة في دمشق بعيدة عنه بحكم المعارك الضارية بين  الأكراد و قوات سوريا الديمقراطية” قسد” أمام الفصائل الموالية لتركيا خاصة في مدينة “منبج” بالريف الشرقي لحلب، وقتل قبل ساعات مدنيين وإصابة  آخرين في انفجار سيارة ملغمة في هذه المدينة شمال سوريا.

ناهيك عن تحدي الجنوب وتوغل إسرائيل يوميا في العمق السوري والوصول لما بعد القنيطرة، وإذا كانت “المسكنات” بأن الوضع مؤقت، فهي سياسة إسرائيلية في حال تسوية مستقبلية لتكون” المقايضة “على الانسحاب من الأراضي المحتلة حديثا والإبقاء على هضبة الجولان تحت يدها بدعوى تأمين الحدود الإسرائيلية.!

ومع الوقت سيخلق الواقع مستقبلا تختلف فيه الرؤية الحالية و تتسع الطموحات والأحلام بعد التشبع بالحرية والديمقراطية وتعلو أصوات تحرير كل شبر مغتصب ما يخلق تحديا جديدا أمام القيادة.

والسؤال.. هل ستترك إسرائيل جارتها تُسلح نفسها بـ “قوة الردع “وإخراجها من الجولان أم ستظل في رحلة” قضم الأراضي” وإنهاك البلد عسكريا واقتصاديا ،إذا سلّمنا بأن البلد الشقيق والعريق سيتعافى يوما.!

كلها تحديات تحتاج سنوات وأولويات تحتم الإسراع في حسمها بأقرب وقت.

و في حال التعافي، ستبقى أزمة  القدر والتدخل التركي وفرض وصايته، واستغلال البلد سياسيا واقتصاديا والحد من طموحه في  التحرر وصعوبة الفطام سريعًا، مع تقاطع مصالحه مع دمشق، مايمنح إسرائيل فرصة قد تفوق مافعله بشار وجعل الجولان جزءا لايتجزأ من إسرائيل!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى