كُتّاب وآراء

الداعية الإسلامية هدى عبد الناصر تكتب: الاستهزاء .. حقيقته وأحكامه وموقف المسلم منه

أولًا/تعريف الاستهزاء: الاستهزاء في اللغة السخرية والاستنقاص والاستخفاف بالآخرين.

ثانيا/ خطوره اللسان: لا شك أن للاستهزاء وسائل عده منها الغمز بالعين، واخراج وتحريك العينين، وتحريك الفم، لكن أهم وأخطر أدوات الاستهزاء وأكثرها انتشارًا وفتكًا هو اللسان، وقد حث الشرع المطهر على حفظ اللسان والاعتناء بذلك وشدد على وجوب مراقبته والاهتمام بما يتلفظ به المرء

– يقول الله تعالى:”مَّا یَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَیۡهِ رَقِیبٌ عَتِیدࣱ” سورة ق.

-وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبيﷺ:” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليسكت” متفق عليه.

-وعنه أيضًا عن النبيﷺ:”وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقى لها بالًا يهوى بها في جهنم”

*وقد نهى الله تعالى أن يستهزأ المسلم بأخيه المسلم

قال تعالى:”یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَسۡخَرۡ قَوۡمࣱ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰۤ أَن یَكُونُوا۟ خَیۡرࣰا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَاۤءࣱ مِّن نِّسَاۤءٍ عَسَىٰۤ أَن یَكُنَّ خَیۡرࣰا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلۡأَلۡقَـٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِیمَـٰنِۚ وَمَن لَّمۡ یَتُبۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ”سورة الحجرات.

-إذ هناك مقياس يعلمه الله ترفع به الموازين أو تخف يدل عليه قول النبيﷺ:” إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”

ثالثًا/دوافع الاستهزاء:

١- ضعف الايمان بالله: فضعف الإيمان يحمل على ارتكاب المعاصي والذنوب ومنها الاستهزاء بالآخرين أو الاستهزاء بآيات الله وشرعه ولا يمكن للمؤمن قوي الإيمان أن يقع في الاستهزاء أو غيره من المعاصي. ٢-الجلوس في المجالس السيئة:ومخالطة أصحاب السوء فهو مدعاة للوقوع في كثير من المعاصي القوليه كالسباب والغيبة والنميمة والاستهزاء بالآخرين فالصاحب ساحب والطباع سراقة.

٣-الكره والحقد على الاخرين:فالحقد والحسد يصم ويعمي.

٤- الفراغ وحب الضحك على الاخرين: وقد حذر الرسول ﷺمن ذلك أشد الحذر فقال: “ويل للذي يحدث فيكذب لِيُضحك القوم ويل له ويل له”

وقالﷺ:” إن الرجل لا يتكلم بالكلمه ليضحك بها جلسائه يهوى بها عن أبعد من الثريا”

وقالﷺ:” ان الرجل لتكلم بالكلمه من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامه”

٥-الكبر والنظر للنفس بالعجب والإكبار وللغير بالمهانة والاحتقان، إنه خلق فرعوني بغيض” أَمۡ أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی هُوَ مَهِینࣱ وَلَا یَكَادُ یُبِینُ”الزخرف.

رابعًا/أنواع الاستهزاء وحكم كل نوع:
١- الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله: ومن وقع منه هذا النوع فهو كافر بنص الآيه الكريمه التاليه سواء قصد ذلك أم لم يقصد وسواء كان مازحًا ام جادًا. يقول الله تعالى:”وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَیَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ*لَا تَعۡتَذِرُوا۟ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِیمَـٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَاۤىِٕفَةࣲ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَاۤىِٕفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُوا۟ مُجۡرِمِینَ”سورة التوبة.
٢- الاستهزاء بصحابة رسول اللهﷺ: وذلك بالقدح والطعن فيهم ونبزهم بسيء الألقاب، يقول ابن عثيمين رحمه الله:” وبهذا يعرف أن من يسب أصحاب رسول اللهﷺ أنه كافر لأن الطعن فيهم طعن في الله ورسوله وشريته.
٣-الاستهزاء بالصالحين: يقول ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم الاستهزاء بأهل الخير والصلاح فأجابَ هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق لأن الله قال عن المنافقين:”ٱلَّذِینَ یَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِینَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ وَٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَیَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ” سورة التوبة.
٤- الاستهزاء بعموم الناس ونبزهم بالألقاب والسخرية بهم ومحاكاة خلقتهم وأفعالهم: وهذا ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب وقد نهى الله المؤمنين في الآيه الكريمة التالية عن السخريه والاستهزاء وعدَّ المستهزئ والساخر فاسقًا بعد إيمانه وظالمًا إن لم يتوب إلى الله سبحانه.
– ثم لأن في الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين والمؤمنات أذى لهم قد توعد الله من يؤذي المؤمنين بغير ما اكتسبوا بقوله سبحانه وتعالى:”وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ بِغَیۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُوا۟ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُوا۟ بُهۡتَـٰنࣰا وَإِثۡمࣰا مُّبِینࣰا” سورة الأحزاب.
-وعن النبيﷺ:” بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم” رواه مسلم.
خامسًا/عقوبة وجزاء المستهزئين:يقول الله تعالى:
*” أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ كَٱلۡمُجۡرِمِینَ*مَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ”سورة القلم
*” إِنَّ ٱلَّذِینَ یُحَاۤدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ٱلۡأَذَلِّینَ*كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِیۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزࣱ” سورة المجادلة.
– إن عقوبه وجزاء المستهزئين بالله وبرسوله وبآياته وبالمؤمنين خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة، هلاك ودمار في العاجلة، وعذاب مقيم في الآجلة.
– ومما ذكره الله تعالى من عقابه للمستهزئين بالمؤمنين يوم القيامة قوله سبحانه وتعالى:” قَالَ ٱخۡسَـُٔوا۟ فِیهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ*إِنَّهُۥ كَانَ فَرِیقࣱ مِّنۡ عِبَادِی یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰ⁠حِمِینَ*فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِیًّا حَتَّىٰۤ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِی وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ*إِنِّی جَزَیۡتُهُمُ ٱلۡیَوۡمَ بِمَا صَبَرُوۤا۟ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَاۤىِٕزُونَ”سورة المؤمنون. – إن المستهزئين بالمؤمنين ودين الله وشرائعه لن يضروا إلا أنفسهم، وحين تكشف السرائر وتنشر الصحائف يندم أولئك الهازلون ولات ساعة مندم. يقول سبحانه وتعالى:” وَبَدَا لَهُمۡ سَیِّـَٔاتُ مَا عَمِلُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ*وَقِیلَ ٱلۡیَوۡمَ نَنسَىٰكُمۡ كَمَا نَسِیتُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِینَ* ٰ⁠ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذۡتُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوࣰا وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۚ فَٱلۡیَوۡمَ لَا یُخۡرَجُونَ مِنۡهَا وَلَا هُمۡ یُسۡتَعۡتَبُونَ” سورة الجاثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى