
قال تعالى :(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) [الذاريات: 7] والتي تدل على ثلاثة معاني رئيسية وهي:
الطرق – النسيج المحكم – أمواج الرمال.
فكيف تطور فهمنا لهذه الكلمة وما هي اكتشافات العلماء التي تثبت صدق كتاب الله تبارك وتعالى؟
1- الحُبُك هي الطرق
في اكتشاف حديث تبين للعلماء أن الكون عبارة عن مجموعة من المجرات والنجوم والدخان والثقوب السوداء والنجوم الطارقة والنجوم اللامعة ومكونات أخرى.
وجميع هذه المخلوقات تسير وتتحرك وتجري على مسارات محددة تشبه الطرق السريعة highways وكل الأجرام الكونية تتحرك حركة دقيقة جداً عبر هذه الطرق.
إذاً الحقيقة العلمية تؤكد أن السماء ذات طرق! وهذا ما أنبأ عنه القرآن قي قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) [الذاريات: 7].
وقد فسر علماؤنا قديماً هذه الكلمة على أنها تتحدث عن طرق لا نراها ولكنها موجودة!
فهذا هو القرطبي والطبري وابن كثير وغيرهم من المفسرين قالوا: (الحبك) هي الطرائق وهي جمع لكلمة حبيكة.
وبالفعل نحن نرى اليوم هذه الطرق التي لم يرونها من قبل، ولكنهم آمنوا بها لأن القرآن أنبأهم عنها.. فسبحان الله!
2- الحبك تعني النسيج المحكم
لقد فسر العلماء هذه الكلمة أيضاً على أنها تدل على النسيج القوي والمحكم، فهذا هو القرطبي يقول في تفسيره: قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع: ذات الخلق الحسن المستوي وقاله عكرمة; قال: ألم تر إلى النسّاج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه; يقال منه حبك الثوب يحبكه بالكسر حبكا أي أجاد نسجه.
وبالفعل وجد العلماء أن كوننا المرئي عبارة عن نسيج شديد القوة والإحكام ولكن مادته المجرات، وخيوطه تمتد لملايين التريليونات من الكيلومترات، في نسيج محكم يشهد على عظمة الخالق المبدع سبحانه وتعالى.
وقد أظهرت أحدث الدراسات الكونية أن المادة المظلمة في الكون وهي تشكل نسبة عالية منه مع الطاقة المظلمة، وهي التي تتحكم بمصير المجرات، وتجبرها على التحرك باتجاهات محددة لتشكل نسيجاً كونياً رائعاً، لم يتم الكشف عنه إلا في القرن 21 ولكن القرآن كشفه لنا بكلمة واحدة هي (الحبك) فسبحان الله!
3- أمواج من الحبك
في عام 2014 تبين للعلماء أن الكون جاء نتيجة تضخم كبير أو توسع مفاجئ حدث قبل 13.7 مليار عام تقريباً، وبسببه نشأت النجوم والمجرات… والشيء الغريب أن هذا التوسع المفاجئ أطلق موجات تشبه تلك الخطوط التي ترسمها أمواج البحر على الشاطئ الرملي.
هذه الأمواج تميز السماء وتعتبر صفة مميزة لها اليوم، ونستطيع رؤيتها والتقاطها وتسجيلها من خلال مراصد فلكية متطورة، وتبين أن الأمواج التي أطلقها الكون في بداية تشكله ترسم خطوطاً ثلاثية الأبعاد ولكن أقرب شيء لها إذا أردنا أن نتخيل، هو الكثبان الرملية التي تضربها الرياح أو ما تتركه أمواج البحر على الشاطئ من أثر يشبه أنصاف الدوائر.
العجيب أن أحد أهم معاني كلمة (الحبك) هو هذه الخطوط المتشكلة على الشاطئ الرملي!! فهذا هو القرطبي يروي تفسيرة لكلمة (الحبك) فيقول: قال الضحاك: ذات الطرائق; يقال لما تراه في الماء والرمل إذا أصابته الريح حبك، ونحوه قول الفراء; قال: الحبك تكسر كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح الساكنة، والماء القائم إذا مرت به الريح، ودرع الحديد لها حبك، والشعرة الجعدة تكسرها حبك… ولكنها تبعد من العباد فلا يرونها .
وهذا يعني أن العرب قديماً فهمت من هذه الكلمة أن للسماء صفة مميزة وهي هذه الأمواج المتجعدة على الشاطئ.. ولكن هذه الحبك تبعد عن العباد فلا يرونها..
أصبح لدينا ثلاثة معاني رئيسية لكلمة واحدة هي (الحبك) التي وصف الله بها السماء، 1- الطرق 2- النسيج 3- الأمواج.. والمعاني الثلاثة لم تكتشف إلا في القرن الحادي والعشرين، ولكن القرآن أنبأ عنها بكلمة واحدة هي (الحبك)!
فهذه الآية نزلت في مكة المكرمة وفي أول ظهور الإسلام، فتصوروا أن نبينا عليه السلام في أول دعوته إلى الله ينبئهم بحقيقة علمية سوف يتم اكتشافها بعد أكثر من 1400 سنة!!
بالله عليكم، هل يمكن لإنسان عاقل أن يصدق أن محمداً عليه الصلاة والسلام جاء بهذه الكلمة بالمصادفة؟ أو أنه اخترع هذه الآية من تلقاء نفسه.. ليأتي علماء الغرب وبعد قرون طويلة ليكتشفوا مصداق ذلك؟ بل كيف تمكّن من العثور بين كلمات اللغة على كلمة واحدة تعبر بمنتهى الدقة عن حقيقة السماء؟!
إن هذه الكلمة تشهد على صدق كلام الله تعالى، وأن هذا القرآن هو الحق من عند الله، وأن محمداً هو رسول بلغ ما أوحاه الله إليه بأمانة وإخلاص..