كُتّاب وآراء

يوسف عبداللطيف يكتب: أمي رحلت جسدًا لكن روحكِ وحنينكِ في قلبي للأبد

كلما حاولت الكتابة عن أمي، تهاجمنا مشاعر الحنين والألم كالسياط التي تقطعني إلى قطع صغيرة. غيابها ليس مجرد حدث في حياتي، بل هو فقدان للجزء الذي كان يربطني بالحياة. أمي كانت أكثر من مجرد أم، كانت هي نبض قلبي، كانت عالمي بأسره. هي التي علمتني معنى الحب غير المشروط، معنى الأمان الذي لا يستطيع أحد أن يقدمه لي مثلما فعلت هي. كانت تحتويني في كل لحظة، تسكب في روحي الهدوء، وتغسل قلبي من هموم الحياة.

ستة أعوام مرت منذ أن فقدتها، ولكن الزمن لم يخفف من وجعي، بل كلما مر يوم، كلما زاد الحنين. كيف لي أن أتقبل غياب من كانت هي سر سعادتي؟ كيف لي أن أكمل حياتي دون أن أسمع صوتها؟ لا شيء في هذه الحياة يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركته، وكأن الكون كله أصبح أضعف وأصغر دونها. كل لحظة أعيشها الآن تذكرني بما فقدته، وكل عيد ميلاد لها يجعلني أغرق أكثر في بحر الذكريات، ولا أستطيع الهروب من الألم الذي يلاحقني.

اليوم هو السابع من ديسمبر، يوم كان من المفترض أن نحتفل فيه بوجودها. لكنه أصبح يومًا مكسورًا، مليئًا بالحنين إلى كل لحظة قضيناها معًا. كيف أحتفل بعيد ميلادكِ وأنتِ لستِ هنا؟ كيف أعيش هذا اليوم وأنتِ غائبة عني إلى الأبد؟ أمي، كيف لي أن أتحمل هذا الفراغ الكبير في حياتي؟ كيف يمكنني أن أواجه هذه الأيام الصعبة دونك؟ أنتِ كنتِ كل شيء، وكل جزء في حياتي يحمل بصمتك، وكل لحظة أتذكرها عنكِ تزيد من اشتياقي وحزني.

أشعر بالندم العميق على كل شيء لم أفعله، على كل لحظة لم أقدّرها بالشكل الذي يليق بكِ. كنتِ دائمًا تمنحينني الحب والرعاية، وكنتُ في كثير من الأحيان لا أظهر لكِ تقديري كما يجب. والآن، كلما تمر الأيام، يزيد الألم وتتكاثر الأسئلة التي لا جواب لها: هل كنت أستطيع أن أقدم لكِ أكثر؟ هل كنت أستطيع أن أحبكِ أكثر؟ أسئلة تلاحقني بلا توقف، وكأنها تلاحقني في كل خطوة أخطوها.

أمي، هل تسمعينني الآن؟ هل تشعرين بحزني؟ في كل مرة أغلق عيني، أتخيل أن روحك الطاهرة تراقبني، وأنكِ في مكان أفضل. ولكن مع كل لحظة تمر، يكبر الحنين، ويكبر الفراغ. أحتاجكِ في كل تفاصيل حياتي، وأحتاج لوجودكِ في كل لحظة، ولكنني أعلم أنني لن أستطيع استعادتها أبدًا.

يا أمي، مهما قلت، لن أستطيع أن أعبّر عن حجم الحزن والاشتياق الذي يشعر به قلبي. فكل ذكرى عنكِ هي جرح في القلب، لكنني سأظل أعيش على ذكراكِ إلى الأبد. سأظل أدعو لكِ بكل ما فيّ من حب، وسأظل أحن إلى تلك اللحظات التي جمعتنا، لأنها كانت أجمل لحظات حياتي.

اللهم اغفر لأمي، وارحمها، واجعل قبرها نورًا، وامنحها الجنة بغير حساب. سأظل أحتفل بعيد ميلادكِ في قلبي، كل عام وكل يوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى