الدكتور جمال عبد العزيز يكتب : أكثم بن صيفي
أكثم بن صيفي بن رباح الشريفي الأسيدي العمروي التميمي أشهر حكام العرب في الجاهلية على الإطلاق وأحد المعمرين فيها، وكان أكثم ، سيد من سادات العرب شريفا حكيما وفارسا شجاعا، ومستشارا خبيرا، أشار على قومه بني تميم في يوم الكلاب الثاني فانتصروا نصرًا كبيرا على مذحج وحلفائها من أهل اليمن وشارك في الغارات والمعارك والأيام مع قومه وخرج في وفد بني تميم والعرب إلى ملوك فارس وكان كل العرب تتقاضى عند أكثم بن صيفي ولاترد حكمه لشرفه ونزاهته وحكمته.
وأكثم كان كاتباً خطيباً، وكانت الملوك تكاتبه وتبادل معهم الرسائل التي تحمل في سطورها الحكمة والنصيحة…
أكثم بن صيفى تحدث عن النبي محمد صلّ الله عليه وسلم قبل أن يولد حيث كان الرهبان يعرفون أنه سيأتى إلى الأرض نبى يشع بها نور دين جديد فيه العدالة والرحمة والتسامح ، وعرفوه بعد ولادته بوصفه وصفاته وعلامات حدثت عند ولادته وفى صباه وقبل بعثه ومن رآه من الرهبان قال إنه النبى محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وهذه قصة أكثم بن صيفى ماذا قال عن النبى صلّ الله عليه وسلم ،فى صباه.
كان أبو طالب يطوف بالبيت ، ومعه النبي وهو في عمر الرابعة عشر ، فرأه أكثم بن صيفي ، وهو حكيم من حكماء العرب ،
فقال لـ أبو طالب ، ما أسرع ما شب أخوك يا أبى طالب ، فقال أنه ليس أخي ، بل إبن أخي
عبد الله ، فقال أكثم ،
إبن الذبيح !!
فقال أبو طالب نعم…
فأخذ أكثم يتأمله ، ثم قال ،
ما تقولون فى فتاكم هذا
يا أبى طالب ؟
فقال :
إنا لنحسن الظن به ،
وإنه لحىٌ جزي ، سخىٌ وفى ٠
قال :
أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب ؟
قال :
إنه ذو شدةٍ ولين ،
ومجلس ٍ ركين ، ومفضلٍ مبين •
قال :
أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب ؟
قال :
إنا لنتيمن ُ بمشهدهِ ، ونلتمس ُ البركة فيما لمس بيدهِ •
قال :
أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب ؟ قال :
إن فتىً مثلهُ حرىٌ به أن يسود ، ويتحرف بالجود •
فقال أكثم ، أما أنا فأقول غير ذلك ، فقال أبى طالب ، قل يا حكيم العرب ، فإنك نفاثُ غيب ،ٍ وجلاءُ ريب •
قال أكثم ، ما خُلق لهذا إبن أخيك ، إلا أن يضرب العرب قامطة ، بيدٍ خابطة ، ورجل ٍ لابطه ، ثم ينعق بهم إلى مرتعٍ مريع ، وورد تشريع ، فمن إخرورط إليه هداه ، ومن إخرورق عنه ارداه •
وما إن عاد أكثم بن صيفى إلى أبنائه ، حتى قص عليهم ما رأى فى مكة ، ولقائه برسول الله
وهو في الرابعة عشر من عمره ، وقال والله إنه لنبي ، فإن خرج وأنا فيكم ، فإنى ناصره ، وإن خرج بعد وفاتي ، فعليكم اتباعه والمثول لأمره.
وما إن بُعث النبى حتى خرج إليه أكثم مع اولاده ، وقد كان فى ذلك الحين طاعناً فى السن ، فوافته المنية وهم فى الطريق، فقال لهم دعوني وانصرفوا ، فالحقوا برسول الله ،
فقال أحدهم نظل معك حتى ندفنك ونسير اليه ، قال لا ، ابلغوا رسول الله مني السلام ،
ودعوا جسدي للطير أو للدود ، فإنهما يستويان.
فلما وصلوا إلى رسول الله ، بادرهم صلّ الله عليه وسلم ، وقال الآن دفن أباكم ، ثم نزلت فيه أية « وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا »
إنى شربت الحب من نبع الهوى
وجعلت حب المصطفى ترياق
يا تاج رسل الله
إنى هائم والقلب يحكى لوعة المشتاق فمتى تصير الروح
عند مقامكم لتطيب نفسى
بعد طول فراقى ..
اللهم
أوردنا حوضه ،
و ارزقنا شفاعته ..
اللهم
صلّ الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ..
كاتب المقال : د. جمال عبد العزيز.. باحث متخصص، مدير عام مكتب نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث ومدير عام كلية التربية بنين جامعة الأزهر الشريف.