توبفن و ثقافةكُتّاب وآراء

الكاتبة السورية هيام سلوم تكتب : الصحبة الأنثوية

ثمة اسطورة لامست مشاعري منذ أيام الصبا تقول الأسطورة : أن ٱدم في بداية خلقه وجد نفسه وحيداً على الأرض وضاق ذرعاً بوحشته فخاطب ربه : يا إلهي أنا وحيد أشعر بالوحشة والضياع!فاستجاب ربه وخلق له الأنثى فعاش معها ردحاً من الارتياح والسكينة و شكر ربه كثيراً ، بعد مدة شعر ٱدم بالملل من لغوها وغيرتها وتدخلها والحد من حريته بحديث لا ينتهي ليل نهار حتى ثار على واقعه الأنثوي الجديد ، فناجى ربه :

يا إلهي لم أعد أحتمل ما أنا فيه إنها تتعبني بكثرة لغوها وتدخلاتها . فاستجاب ربه وأخذها منه بعد غيابها شعر بالحزن والوحدة فطلب من ربه إعادتها برغم كل مافيها فإن الحياة لا تطاق دونها.

هنا ذكرنا نص أسطوري بمعزل عن تقييمنا لواقعية السرد إلا أن العبرة فيه تحمل كتير من مضامين الواقعية الملموسة من المتداول اليومي الحياتي .

أقول كأنثى : انشغلتْ بالأنثى منذ طفولتي ، كنتُ أراها الحياة دوماً متجسدةً بأمي وجدتي وخالتي وعمتي، والكثير من دائرة الإناث التي تحيط بوجداني وأسراري كصديقة أو أخت أو جارة أو رفيقة درب .
كما انشغلت بمراحل تدرج الأنثى منذ الطفولة وحتى مابعد الأمومة وصولاً إلى الشيخوخة وأكثر ما أدهشني عمر المراهقة .

عندما تنشغل الأنثى بتسريحة شعرها ولون فستانها وحمرة خدودها وتنظر للمرآة بتكرار و تعتز بنفسها وجمالها و حديثها الخجول مع الذين يبادلونها الكلام اللطيف ومع معجبيها أو ممن يغازلونها أو يمتدحون حسنها ومشيتها و كيف تخاطب أستاذها ورفاقها في الصفوف الأولى حتى الجامعة مروراً بخطوبتها وزواجها ثم إنجابها ، كنت أشعر أنها الحياة التي تزهر في كل الفصول .

ولكي يستمر الازهار الحقيقي لابد لهذه الفتاة الأنثى أن تكون واعية متفهمة متزنه تخطو بثقة وثبات ، كنت أشعر بأهميتها في كل مواقع الحياة حتى تأكدت أنها فيض الحياة .

هنا لابد أن أذكر حظوظي بالعلاقات الأنثوية منذ طفولتي حتى وقتي الحاضر تعززت واتسعت مع الأيام ، حتى تمكنت مني وتمكنت منها . لم يكن ذلك الميل اعتباطي عشوائي بل كان انتقائي روحي وفكري عمت فيه الفائدة المشتركة لنا وللصالح العام. ولا أنكر معاناتي ببعض جوانبها حيث الغيرة والحسد والنميمة و غيرها من أمراض العصر حتى سادت العلاقة الهشة التي ينسف عشها من أول عاصفة اختبارية.

ما أريد قوله أني أعيش ضمن خميلة من العلاقات الجميلة التي أكثرها ما زلت قائمة .

أذكر منذ أكثر من ربع قرن عندما رافقت الأديب الراحل كريم الشيباني لحضور ندوات ومؤتمرات ومهرجانات تكونت عندي صداقات أنثوية ما زالت حتى اللحظة تتفرع تزداد اخضراراً ونضجاً وإثراء فكرياً وحياتيا . قد نغيب عن بعضنا مدة طويلة ، لكن عندما نعود كأننا لم نغب أبداً ، حتى تكونت عندي قناعة أن هذه الصداقات الانثوية التي حظيت بها سماوية حباني الله بها ، وجماليتها أنها لا تعرف طائفة أو سناً أو جغرافية محددة فقد تكون إحداهن قريبة من منزلة الأم والأخرى أخت أو صديقة تجيد الود والمحبة وفعل الخير دون سؤال أو طلب .

لكل واحدة منهن نور يستطع بطريقة مختلفة .

ولا أنكر دور شبكة العنكبوت “الانترنت“ التي أَثرَتْها وطورتها حتى أصبحت تأخذ شكل محطات عدة ملتقى فكري أو جلسة حوار أو وجبة غداء بسيطة في بيت ريفي فيها ما فيها من الجمال ، أو رحلة لمحافظة أو قرية أو مدينة أو بلد ٱخر فيها الكثير من استكشافات لا تنتهي .

كم من مشكلة حلت في هذه الصحبة وكم من ضائقة مادية ونفسية فرجت تحت مظلة هذه الصحبة لأنها متمكنة بالوعي والفكر والمحبة والخير والصالح العام تصنع المعجزات.
في الختام…

حتى لو كانت حياتك تعج وتضج بعلاقات الكبار من كل الصنوف دع خيطاً متيناً يصلك بطفولة لا تنقطع سيما بخيط أنثوي وإن كان بلا خيوط..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى