كُتّاب وآراء

يوسف عبداللطيف يكتب: صرخات الطبلة وخنق الحق

يبدو أن “الطبلة و القانون” مسألة سطحية، لكنها في الحقيقة غوص عميق في أعماق ثقافتنا وواقعنا الاجتماعي والسياسي. نحن نعيش في زمنٍ تتصارع فيه الأصوات، حيث تتعالى دقات الطبلة مُعزّزةً صخب الباطل، بينما يبقى صوت القانون خافتًا، وكأن الحق يُناضل من أجل البقاء في ظل هذه الفوضى.

في مشهد مليء بالصراعات، يبرز الصوت العالي للباطل، الذي يُروَّج له بلا كلل، كأنه الحقيقة المطلقة. بينما القانون، رمز العدالة والنظام، يتلاشى في زوايا النسيان. كيف يمكن أن يكون الحق هو المنتصر في زمن تعلو فيه أصوات الطبول؟ كيف يمكن للعدالة أن تُسمع عندما تكون مُحاطة بهذه الفوضى؟

إن هذه المفارقة تحاكي واقعنا اليوم، حيث تضيع الحقوق تحت وطأة الضجيج المزعج. القضايانا العادلة غالبًا ما تُهمل، بينما تكتسح الأكاذيب الفضاءات العامة، محاطةً بشعارات زائفة تُروج لأصحاب المصالح الشخصية. فكلما صرخ الصوت الباطل، اختفت الحقيقة أكثر في الظلال، مُجبرةً على الانكماش حتى تنقرض.

هنا، لا يُسمح لصوت الحق بأن يرتفع، بل يُجبر على التراجع أمام سطوة الفوضى. يبدو أن الثقافة التي نحياها أصبحت رهينة للطبلة، حيث يُعتَبر الضجيج علامة على القوة والنجاح. لكن الواقع يُظهر أن هذه القوة مُؤقتة، مُستندة إلى الأكاذيب، بينما القانون، رغم صمته، يحمل في طياته الحقيقة التي لا تتزعزع.

إن قوى الصخب التي تهيمن اليوم تسير عكس مسار الحق، وهي قادرة على اختراق وعي الناس، محولةً كل شيء إلى زيفٍ مُقنع. وبات السؤال مطروحًا: كيف لنا أن نستعيد صوت القانون في وجه هذه الضوضاء، وكيف لنا أن نعيد بناء ثقافة تُقدِّم الحق على الصوت العالي؟

الوقت قد حان لنواجه الحقيقة. يجب أن نصنع فضاءً يُسمع فيه صوت الحق، ويُعيد للقانون مكانته في عالم تتداخل فيه الأصوات وتُغطي فيه الأكاذيب على الحقائق. لنقف جميعًا ونُصغي لأنغام القانون التي تنتظر فرصتها لتعلو فوق صرخات الطبول، ولندعها تُعبر عن قضايا الحق والعدل التي يستحقها كل إنسان.

ما نحتاج إليه الآن هو الشجاعة للبحث عن الحقيقة، والإصرار على إعلاء صوت القانون، مهما كانت قوة الصراخ. فنحن نعيش في زمن يحتاج فيه الحق إلى من يصدح به، ليُعيد الأمل إلى قلوب الذين لا يزالون يؤمنون بأن العدل سيسود في النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى