تقرير – يوسف عبداللطيف :
معهد أسيوط الأزهري، المعروف أيضًا بمعهد فؤاد الأول.دشن في عام 1939، ليكون نقطة انطلاق للتعليم الأزهري في المحافظة، ويعد أول معهد أزهري في قلب صعيد مصر، حيث التحفة المعمارية التي تجسد عراقة العمارة الإسلامية.
حجر الأساس وبداية الإنشاء
تعود جذور فكرة إنشاء هذا المعهد إلى عام 1915، عندما شعر أهل محافظة أسيوط بصعوبة إرسال أبنائهم للدراسة في الأزهر بالقاهرة. فبدأت مبادرات جمع التبرعات، مما جذب انتباه السلطان حسين كامل، الذي أصدر أمرًا بإنشاء معهد ديني. في عام 1930، وُضِع حجر الأساس للمعهد على يد الملك فؤاد الأول، والذي استغرق بناؤه أربع سنوات. تم تخصيص قطعة أرض مساحتها 4 أفدنة و8 قراريط في منطقة الحمراء بجوار نهر أسيوط لتكون مقرًا لهذا المعهد.
افتتاح المعهد وتطوره عبر السنين
افتتح المعهد رسميًا في عام 1939 بحضور الملك فاروق، نظرًا لمرض الملك فؤاد. تولى الشيخ محمد شريت مسؤولية إدارة المعهد، الذي بدأ بعدد قليل من الطلاب، وبالتحديد 154 طالبًا. لكن بعد حركة يوليو 1952، تغير اسم المعهد إلى “معهد أسيوط الأزهري للبنين”، واستمر في تطوير مناهجه واستقبال المزيد من الطلاب.
المعمار الإسلامي الأندلسي
تصميم المعهد يتجلى في أسلوبه المعماري الأندلسي، الذي يعكس جمال وروعة العمارة الإسلامية. يتكون المعهد من ثلاثة مبانٍ، حيث يضم المبنى الأول فصولاً دراسية وقاعات عرض للأفلام العلمية، بالإضافة إلى مختبرات لعلوم الأحياء والكيمياء والفيزياء، بينما يتوسط الفناء حديقة مزينة بنافورة رخامية. المبنى الثاني يخصص لإقامة الطلاب، في حين يحتضن المبنى الثالث مكتبة ضخمة تضم أكثر من 22 ألف كتاب ومخطوطة في مختلف العلوم، مما يجعله من أبرز المكتبات في مصر.
قيمة المعهد كتراث تاريخي
في عام 1987، صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء رقم 1692 يعتبر مبنى المعهد وملحقاته من الآثار التاريخية، مما أضاف قيمة تاريخية وثقافية كبيرة للمعهد. فهو اليوم يتبع إشراف وزارة الآثار، مع الاحتفاظ بهويته الأزهرية، حيث يدرس فيه طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية.
متابعة احتياجات الطلاب
منذ بداية العام الدراسي، تُبذل جهود كبيرة لضمان توفير بيئة تعليمية مثالية لطلاب المعهد. يقوم الشيخ شعبان مرعي، شيخ المعهد، يرافقه الأستاذ علاء المصري، وكيل العلوم الثقافية، بجولات تفقدية للطلاب، للاطلاع على احتياجاتهم ومساعدتهم في تحديد مساراتهم التعليمية، سواء في القسم الأدبي أو العلمي، وأيضًا اختيار المذهب الفقهي المناسب بين الحنفي والمالكي. تلك الرعاية الخاصة والاهتمام بتوجيه الطلاب تساهم في نجاح العملية التعليمية وتحقق أفضل النتائج. ومع انطلاق العام الدراسي الجديد، ترفع الأيادي بالدعاء ليكون عامًا حافلًا بالتوفيق لأبناء الأزهر الشريف.
استمرارية التواصل مع التاريخ
يعتبر معهد أسيوط الأزهري ليس مجرد مكان لتعليم الفقه والعلم، بل هو أيضًا رمز للاستمرارية والتواصل مع التاريخ. فهو يجمع بين طلبة العلم الذين يعدهم الله بأعلى الدرجات، ويشهد على حضارة تعود إلى قرن من الزمان، حيث تواصل روح الإبداع والعلم على ضفاف نهر صعيد مصر الخالد.
معهد أسيوط الأزهري يظل شاهدًا على تاريخ التعليم
إن معهد أسيوط الأزهري يظل شاهدًا على تاريخ التعليم في صعيد مصر، فهو يجسد إرادة أبناء الأزهر الشريف في مواصلة التعليم والبحث، ويقدم نموذجًا يُحتذى به في الاهتمام بالتراث والمستقبل معًا. إنه حقًا مكان يستحق الزيارة والدراسة، لكل من يرغب في التعرف على العراقة والحداثة في آن واحد.