مجدي سلامة يكتب : لاتُعجلوا بنهايتكم
هذه رسالتى كمواطن مصرى لكل من له عقل فى تل أبيب وإسرائيل كلها :
اعلم أنكم تعرفون عن مصر والمصريين أكثر مما يعرفه بعض المصريين أنفسهم، ويقينى أنكم لم تتوقفوا لحظة عن التجسس علينا، وأتصور أن لديكم بيانات هائلة عن مصر والمصريين.
ولكن دعونى أؤكد لكم أن جبال المعلومات التى رصدتموها عنا لا ترسم لكم صورة كاملة عن المصريين.
صحيح أن أغلب المصريين حاليا غاضبون من ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات، وغاضبون أيضا من زيادة معدلات التضخم ومن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار.
وصحيح أيضا أن الصورة العامة لجموع المصريين قد توحى بأنهم تائهون ضائعون محبطون يعانون من آلام دهس عجلات الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
كل ذلك صحيح، ولكنه مجرد قمة جبل الجليد، وجبال الجليد كما تعرفون لا يظهر منها إلا القمم، أما الجزء الأكبر فلا يراه الناظرون.
إذن أنتم ترون قمة جبل الجليد أما جزؤه الأكبر فلا ترونه ولا تعلمون عنه شيئًا، هذا الذى لا ترونه ولم ترصده لكم أقماركم الصناعية ولا جواسيسكم ولا تنصتكم على تليفون المصريين، يتعلق بالتكوين الفطرى للمصريين.
فالمصرى قد يبدو خاملًا هامدًا محبطًا من الدنيا وما فيها ولكن وقت الأزمة يتحول هذا الخامد الهامد إلى وحش بشرى يحقق معجزات لم يكن أحد يتخيلها.
وإن شئتم دليلًا فسألوا من بقى من ضباطكم وجنودكم عن رؤيتهم للمصريين يوم 5 أكتوبر 1973، وماذا وجدوا منهم يوم 6 أكتوبر 1973.. اسألوهم كيف ناموا ملء جفونهم يوم 5 أكتوبر ولديهم يقين لا يقبل أدنى شك بأن عبور المصريين لقناة السويس مستحيل وأن اقتحامهم لخط بارليف من رابع المستحيلات.. فإذا بالمصريين يعبرون القناة ويحطمون خط بارليف المنيع فى 6 ساعات فقط يوم 6 أكتوبر 1973.. نعم فى 6 ساعات فقط كان فى سيناء 80 ألف مقاتل مصرى، وإن أردتم دليلًا آخر فاسألوا الإنجليز عما فعله المصريون فيهم عام 1807.
وقتها كانت مصر بلا جيش، فالمماليك متمردون على الوالى الجديد محمد على ويرفضون الانصياع لأوامره ويريدون الحصول على مزايا مالية وسياسية أكبر مما هم عليه، وهكذا لم يعد لمصر من قوة عسكرية تحميها، ووجدت انجلترا أن مصر صارت لقمة سائغة، وأن الفرصة قد سنحت لهم لاحتلال مصر فأرسلت أساطيلها وجيوشها لابتلاع مصر..
ساعتها كانت انجلترا أقوى إمبراطورية فى العالم، وكان جيشها اقوى جيوش العالم وكان أسطولها أقوى أساطيل العالم، ولم يكن لمصر جيش يحميها ويرد عنها كيد الكائدين.
وبسهولة كبيرة وصلت الأساطيل الإنجليزية إلى شواطئ مصر، وبسهولة أكبر تدفق آلاف الجنود الإنجليز إلى الأراضى المصرية، فلم يجدوا من يتصدى لهم فتوجهوا مباشرة إلى القاهرة للاستيلاء عليها..
وفى طريقهم إلى القاهرة مروا بمدينة مصرية اسمها رشيد، فلم يجدوا فى شوارعها واحدًا من البشر، فدخلوا رشيد وكأنهم فى نزهة، فيما كان الأهالى يختبئوا داخل البيوت، وفجأة انهالوا على الجنود الإنجليز بالطوب من أعلى المنازل ومن طيقان البيوت فملأ الرعب قلوب الانجليز واضطربوا اضطرابًا شديدًا وفى ذات اللحظة خرج الرجال والشباب من أهل رشيد إلى الشوارع يضربون الجنود الإنجليز بالعصى والشوم فاستولى على عدد كبير من بنادقهم وقتلوا منهم عددًا كبيرًا وأسروا بعضهم فيما فر البعض عائدًا إلى الاسكندرية.
هذا ما فعله مواطنون مصريون عاديون فى جيش أكبر إمبراطورية فى ذلك الزمان.
هذه هى سيكلوجية الشعب المصرى التى لا تعرفونها.. واعلموا أن عشرات الملايين من المصريين على استعداد تام للتضحية بأرواحهم فداء لوطنهم، واعلموا أن المصريين فى ساعة الخطر يصبح الكل فى واحد، ويصبح كل مصرى فدائيًا من أجل حماية بلده وسيتسابق الكل لكى يفتدى وطنه بدمائهم وأرواحهم..
وإن كنتم الآن أكثر نفيرًا فإن لدينا وعدًا إلهيًا بأننا سننتصر عليكم وسنكتب آخر سطر من وجودكم فى فلسطين.. فلا تعجلوا بنهايتكم وإياكم ومصر.
اقرأ أيضا : مجدي سلامة يكتب .. قولوا الحقيقة