يوسف عبداللطيف يكتب: القوانين الجائرة وأزمات المواطنين
يبرز سؤال أساسي يجب أن نسأله جميعًا: إلى متى يستمر هذا العبث؟ إلى متى تستمر الحكومة في تدمير حياة المواطنين بقوانين وتشريعات لا تهدف سوى إلى إغراقنا في دوامة لا نهاية لها من الأزمات؟ الشعب المصري اليوم يقف على حافة هاوية، والحكومة، بكل ما تفعله، تدفعه بخطى ثابتة نحو السقوط.
لنبدأ بما هو الأكثر إثارة للجدل، وهو قانون القيمة المضافة. هذا القانون، الذي يُروَّج له باعتباره إصلاحًا اقتصاديًا ضروريًا، ليس إلّا عملية سلب ممنهجة لجيب المواطن المصري. من كان يعتقد أن زيادة الضرائب على السلع والخدمات الأساسية ستؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي؟! هل نعيش في بلد يجهل حكامه حقيقة أن الزيادة في الضرائب ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتفاقم المعاناة اليومية؟ لقد تجاوز هذا القانون مجرد كونه عبئًا إضافيًا: تجاهل تام لمصالح الشعب لصالح زيادة إيرادات الدولة، مهما كانت العواقب.
لكن، وكما لو أن قانون القيمة المضافة وحده لا يكفي، جاءت القوانين الأخرى لتكمل سلسلة الأزمات.
قانون التأمين الاجتماعي، الذي من المفترض أنه أداة لحماية المواطن، أصبح فخًا يجر الناس إلى مزيد من الفقر، ما معنى أن تدفع الدولة الفتات كمعاشات تقاعدية في الوقت الذي تنهار فيه القدرة الشرائية بسبب التضخم وانهيار قيمة العملة؟ هل يُعقل أن يُطلب من الموظف المصري دفع المزيد مقابل الحصول على حقوق أقل؟!
إن هذا القانون ليس إلا محاولة لتغطية العجز المالي الذي تعاني منه الحكومة على حساب الناس، وكأن المواطن هو الصندوق الأسود الذي يجب عليه أن يمول فشل السياسات الاقتصادية للدولة.
كما يبرز قانون الخدمة المدنية، الذي أتى ليُفجر قنبلة أخرى في وجه موظفي الدولة. الحكومة تتحدث عن تحسين الأداء وزيادة الكفاءة، ولكن الحقيقة أن هذا القانون يهدف إلى إضعاف النقابات العمالية وتجريد الموظفين من حقوقهم المشروعة.
لقد أصبح الموظف العام في مصر اليوم كالعامل في مصنع، يُستغل بأقصى طاقته دون أي مقابل يذكر.
بل إن هذا القانون يضع العراقيل أمام حقوقه في الترقي والمكافآت، محولاً الوظيفة العامة إلى معركة دائمة للبقاء على قيد الحياة.
وما زالت الكوارث تتوالى بـ قانون الإيجارات القديمة هو الآخر يُعد قنبلة موقوتة تهدد بتشريد مئات الآلاف من الأسر.
الحكومة تدعي أنها تعمل على تحرير العقارات وتحديث قوانين الإسكان، ولكن الحقيقة أنها تتجاهل تمامًا الظروف الاجتماعية التي يعيشها المواطنون.
هل يُعقل أن يُلقى الناس في الشوارع لصالح تحرير أسعار الإيجارات؟! أين العدالة في ذلك؟ إنه قانون يقلب الموازين لصالح فئة قليلة من الأثرياء على حساب الشعب.
ولننتقل إلى الكارثة الكبرى والخاصة بـ بيع الأصول الوطنية، مصر ليست للبيع.
الدولة تفرط في أصولها الاستراتيجية باسم “الإصلاح الاقتصادي”، وتبيع مقدرات الأجيال القادمة إلى مستثمرين أجانب لا يعنيهم سوى الربح السريع.
صندوق تحيا مصر وصندوق مصر السيادي لم يعودا أدوات وطنية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، بل أصبحا أدوات للتخلص من أصول الدولة تحت ستار “الاستثمار”.
ما يحدث ببساطة تفريط في سيادة الدولة مقابل حفنة من الدولارات التي لا تسد رمق الشعب ولا تحل مشكلاته.
أما الديون، فهي القنبلة الأخيرة التي لا تزال في طور الانفجار.
كل يوم نسمع عن اتفاقيات وقروض جديدة، وكل قرض يعني المزيد من القيود على السيادة الاقتصادية لمصر.
هذه الديون ليست مجرد أرقام تُكتب في تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ إنها أغلال تُكبّل الشعب المصري وتجعله عبيدًا للنظام العالمي.
الحكومة لا تفكر في كيفية سداد هذه الديون؛ كل ما يهمها هو الحصول على المزيد والمزيد، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من انهيار شبه كامل.
وما يزيد الطين بلة، أن كل هذه القوانين تُمرر دون أي حوار مجتمعي حقيقي.
الحكومة تتخذ القرارات خلف الأبواب المغلقة، ثم تُفرض هذه القوانين على الناس دون أن يُتاح لهم أي فرصة لإبداء رأيهم.
الفئات التي تستهدفها هذه القوانين تُهمش، وكأنها مجرد أرقام في معادلات مالية تُحسب على طاولة الحكومة.