صبري حافظ يكتب: الحرب في جبهتين!
إحساس يتزايد يومًا بعد يوم بأن مصر ستكون مضطرة في وقت “ما ” طال أم قصر للحرب في جبهتين، حرب ستُفرض عليها فرضًا.
هذه الفرضية تتعمق كل يوم في خيار إجباري ووجودي وحتمي، رغم أن مصر معروفة برزانتها وصبرها وعدم إثارة الأزمات أوالدخول في أنفاق مظلمة و شأن خارجي، ليس ضعفا ولكنها عقيدة منذ نشأتها وبزوغ فجر التاريخ،والإيمان بالترفع عن الصغائر فرض احترام وثقة الكبير والصغير، القريب والبعيد، عدو وصديق.
ولا يغيب عن الكثيريين أن هناك من يحاول فرض واقع بالقوة متصورًا أن الترفع والتفرغ لارتفاع مستوى معيشة شعب ضعف، والابتعاد عن النزاعات الإقليمية أهم من إظهار العضلات والاستقواء على الآخر.
و البعض يتصور أن التحذير والإحاطة والتنبيه منطقة محظورة يجب عدم الاقتراب منها لأنها مناطق حساسة وقد تُفهم بأنها دعوة للحرب.
وفرق بين التحذير والتنبيه، وبين دُعاة الحرب والدمار.
والتصريحات الأخيرة القادمة من ” أبيب” و أبابا” أقصد تل أبيب و أديس أبابا متشابهة في الهدف والأسباب والرغبة لفرض هذا الواقع الجديد.
وهناك خيط طويل متواصل، وطرفي مقص يتجذبان ويتحدان استراتيجيا بين” تل أبيب وأديس أبابا”، الأولى تحاول إضعاف قوة مصر التي تقف حجر عثرة في طريق أحلامها، و من خلال تغيير واقع العالم كله يعلمه بأن محور فيلادليفيا منطقة فاصلة وعازلة وليس لإسرائيل حق التواجد فيه، وقادة إسرائيل” سياسيين وعسكريين ” يؤكدون في كل مناسبة هذه الحقيقة ،ماعدا نتنياهو بهدف الحفاظ على محور ائتلافه والشطط المتطرف لـ سموتريتش وبن غفير
وهو يضرب عصفورين بحجر الرد على مصر لإفشال خطة التهجير القسري للفلسطينيين نحو سيناء وإشغال وقتها وجهدها والنيل من اقتصادها بشكل غير مباشر.
وهو نفس هدف الإثيوبيين بقيادة آبي أحمد الذي جاءت تصريحاته الأخيرة كاشفة عما يحمله من ضغينة لمصرمتوعدًا بأن بلاده ستذل أي دولة تهدد سيادتها، في إشارة لـ القاهرة ، وسبق أبي أحمد، تصريحات رئيس أركان جيشه الذي اعتبر مصر هي العدو التاريخي لإثيوبيا في إشارة صريحة معبرة عن الألم الإثيوبي، والهدف الضغط على مصر لتغيير مواقفها في دلالة على الشعور المؤلم لخطوة مصر التي جاءت في توقيتها بإرسال قوات مصرية إلى الصومال لمساعدتها في مواجهة التفتيت والتقسيم، وسد أطماع وتهديد أمن مصر من خلال منفذ استراتيجي على البحر الأحمر.
قد يتأخر الخيار هنا وهناك، لكنه لن يغادر الاستراتيجية الإسرائيلية عند أول فرصة، أوتهاون.
و حرب المياه قد تكون حتمية بغض النظر عن نتائجها، وتعقيداتها رغم عدم الرغبة في الوصول إلى النقطة الكارثية خاصة بعد تدخل بعض الدول، التي رسخت سد النهضة رسوخا ولم يخجل وزير الخارجية الإثيوبي حينما قال ” بات السد أمرا واقعا.!
كل ذلك يتطلب السير في خطين، سياسي قوي يختصر الطريق، وآخر جاهزية غير تقليدية في عالم الذكاء الاصطناعي لساعة الصفر..!
رغم أن الروائي “باو نينه ” أحد قدامى الحرب في الجيش الفيتنامي “، ومؤلف رواية “حزن الحرب” قال: “في الحرب لا يفوز أحد أو يخسر.. لا يوجد سوى الدمار”!!