يوسف عبداللطيف يكتب: مصر بين فخ الاستدانة وكسر إدمان الاقتراض
في تصريح قوي ومباشر، ألقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، محمود محي الدين، ضوءًا جديدًا على قضية الاقتراض الخارجي لمصر، موضحًا ما يشبه “إدمان” الدولة على الاستدانة. هذا التصريح يفتح الباب أمام تساؤل محوري: هل تستطيع مصر حقًا أن تعيش بلا اقتراض؟ من الواضح أن الإجابة على هذا السؤال معقدة ومتعددة الأبعاد.
عندما ننظر إلى الوضع الحالي، نجد أن الاقتراض الخارجي أصبح جزءًا لا يتجزأ من سياسة مصر الاقتصادية، لكنه ليس حلاً مستدامًا. محمود محي الدين لم يتحدث فقط عن حجم الديون، بل أشار إلى أن هذا الاعتماد المزمن على الاقتراض يؤثر بشكل جذري على قدرة الدولة على تطوير القطاعات الحيوية. وهنا يكمن جوهر المشكلة، فالحديث عن تطوير التعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية يبدو وكأنه حلم بعيد المنال في ظل استمرار هذا “الإدمان” على الاستدانة.
إن تخصيص جزء كبير من الموازنة لسداد الديون وفوائدها يحد من قدرة الدولة على تخصيص الموارد اللازمة للقطاعات الأخرى التي تحتاج إلى اهتمام عاجل. التعليم، على سبيل المثال، يعد أساس أي مجتمع مستدام ومتقدم، ولكن في ظل تراجع التمويل الموجه لهذا القطاع بسبب أعباء الديون، يصبح الحديث عن نهضة تعليمية أمرًا صعبًا. كيف يمكننا أن نطمح لبناء نظام تعليمي قوي وتطوير التكنولوجيا إذا كانت الأموال التي يجب أن تستثمر في هذه المجالات تذهب لسداد ديون قديمة؟
ما يحتاجه الاقتصاد المصري هو إعادة هيكلة شاملة، تتضمن تخفيض الاعتماد على الديون الخارجية والبحث عن وسائل تمويل بديلة، سواء من خلال الاستثمار الداخلي أو تشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في تمويل مشاريع التنمية. لا يمكن لمصر أن تعتمد إلى الأبد على “المساعدات المالية” الدولية كحل سريع لأزماتها الاقتصادية، بل يجب أن تنظر إلى الداخل وتستغل مواردها بشكل أفضل.
تصريح محمود محي الدين لم يكن مجرد نقد لحالة، بل هو دعوة للتفكير بعمق في كيفية بناء اقتصاد متين ومستدام دون الحاجة الدائمة للديون الخارجية.