الصحفي الإماراتي محمد يوسف يكتب: حرية مزيفة
عندما تكون هناك مصالح عليا لجهات معينة في دول متقدمة ومتحضرة ورافعة لشعارات الحرية وحق التعبير، تداس كل القواعد الأخلاقية والقانونية.
في أوروبا أمثلة صارخة، لا تحتاج إلى شرح طويل، يكفي أن نتفرج ونضحك، نضحك على أنفسنا أولاً، قبل أن نضحك عليهم، لأننا صدقناهم في يوم من الأيام، وحفظنا نظرياتهم، وتصورنا أن بلادهم تحترم حقوق مواطنيها، وتقدر حقوق زوارها، وتطبق ما صاغته دساتيرهم، وما تمخضت عنه قوانينهم، وتعاملنا معهم بمنطق النزاهة التي لا تشوبها شائبة، والصدق الذي لا ينحرف عنه صاحب الرأي أو منفذ القانون، وعندما اقتربنا كثيراً منهم وجدناهم نسخة مغلفة بشرائط براقة من الخارج، أما في الباطن فحدث ولا حرج!
وفي الولايات المتحدة، صاحبة تمثال شعلة الحرية، مزار الناس الذين انطلت عليهم تلك الأكاذيب، هم مع حق التعبير عندما يكون التعبير متماشياً مع مسارهم المرسوم، وقد كشفهم مؤسس «فيسبوك»، زوكربيرغ الذي استدعي إلى الاستجواب النيابي في أيام «كورونا»، ووجهت له تهم كثيرة، منها تسريب المعلومات الشخصية والمتاجرة بأسرار المشتركين في منصته، وأجبر على الاعتذار وتصحيح الأخطاء حسب قولهم.
وفرضت عليه غرامات، ومضت قرابة أربع سنوات حتى تجرأ قبل أيام وأفشى سراً مدفوناً أحدث ضجة في الأوساط الأمريكية، وتحدث عن الضغوط التي مارستها ضده إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، والمتعلقة بحذف محتويات معينة، مع فرض قيود على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا، وهذا يعني وباختصار أن يخضع لمطالبهم، وليس لمتطلبات حرية الرأي والتعبير عنه!
وفي فرنسا، وما أدراكم ما فرنسا، إنها «أم القانون» هكذا درسونا في الجامعة، حيث ينسبون كل قوانين العالم إلى القانون الفرنسي، وهو نفس القانون الذي اعتقل بناء عليه مؤسس منصة «تليغرام»، وهو القانون الذي استخرجت منه 12 تهمة قد تسجنه 100 سنة، وكلها تهم ألصقت به لأنه رفض الخضوع لمطالب الدول القائدة دولياً للحريات، وأول تلك المطالب مشاركة أجهزة تلك الدول بالمعلومات الخاصة للمشتركين في منصته!
اقرأ أيضا– الصحفي الإماراتي محمد يوسف يكتب : وبدأت اللعبة