صبري حافظ يكتب: السلطة والانتحار!
لم يظهر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في الـ “نيو لوك ” الذي رسمه لنفسه منذ الحرب على قطاع غزة بهذا العناد والتلون والهروب للأمام في حروبه السابقة سواء في غزة أو لبنان.
المستجدات المتأزمة و الصدفة التي تحالفت معه وصنعت منه شخصية مختلفة أوجدت ظروفًا صعبة لمن يعاني من هذه الحرب -لكل المنطقة- و بدرجات مختلفة، و نتج عنها فشل مفاوضات متتالية، وباتت كل أوراق اللعبة في يد نتنياهو مع غموض الموقف الأمريكي في التأثير على نتنياهو.
ومع تعلق قلوب المفاوضين للوصول إلى شاطئ الهدوء في حرب ضروس أكلت الأخضر واليابس في القطاع وخلفت موتى بالآلاف ، فإن عيون نتنياهو شاخصة فقط على إفشالها وليس إنهائها لأنه يرى في غلق ملفها انتهاء مستقبله السياسي ونسيانه خلف قضبان السجن بسبب قضايا فساد متعددة ومسئوليته في نكسة 7 أكتوبر2023.
نتنياهو يرى في استمرار الحرب وانتصاراته الوهمية ضمانة للبقاء على كرسي الحكم فهي فرصة لكسب الوقت لحين وصول ترامب الذي وعده باتساع مساحة إسرائيل وتحقيق كل أهدافه حال عودته ثانية للبيت الأبيض، وديمومة الحرب وبقاء قواته في غزة فرصة جاءته على طبق من دهب للقضاء على خصومه واستنزاف حماس في غزة وحزب الله في لبنان واصطياد محتجزا هنا وهناك يمنحه صمود الاستمرار،وتصفية قادة وكوادر حزب الله وحماس، و تحتاج “الحركة والحزب” لسنوات لتعويض خسائر فنية بشرية لاتوازيها أموال، و صنعت لهما القوة الصاروخية والعسكرية بفكرها ومواهبها ،والصف الثاني يحتاج لوقت لكسب الخبرة والقدرة على مواجهة عدو يمتلك كل وسائل الدفاع والهجوم وتقنيات أمريكية آخر ماوصل إليه العلم العسكري من آليات وقنابل ذكية، وذكاء اصطناعي، واستكشاف ما فوق وتحت الأرض.
“شعبية ” نتنياهو من فئات مختلفة داخل المجتمع الإسرائيلي تغذيه بـ جرعات أوكسجين للتنفس والتحرك بأريحية بعد أن نجح في توصيل فكرة رغبة حماس ليس البحث عن دولة فلسطيتية مستقلة بل القضاء على كيان الدولة اليهودية، وهو لا يفكر في عائلات الأسرى أو الأسرى أنفسهم والمظاهرات التي تملأ المدن ضجيجا لاتشكل له ضغطا كبيرا فهو متمرس على هذه المظاهرات بعد “حصانة”مظاهرات العام الماضي وجرعات مقاومة ضد خطة الإصلاح القضائي التي أراد تطبيقها، ولم تفلح مظاهرات “الحريديم” لمنع طلاب المعاهد الدينية من التجنيد.
ورغم الضعف العربي منذ سنوات فلم يتجلّ بقوة إلّا هذا العام ، فـ طرفي المعادلة” نتنياهو” تجمعت عناصر القوة في يده، ويرى مستقبله مظلم دون حرب ،وكلمات ( مفاوضات- وقف الحرب- صفقة أسرى)- تمثل له ألما نفسيا تجعله يخلو بنفسه بحثا عن خطة جهنمية لإفشالها.
نتنياهو يجعل من محور فيلادلفيا “مسمار جحا” لعلمه أن صبر المصريين طويل، ولن يتواجد جندي إسرائيلي أو أبراج مراقبة مستقبلا ،وإثارة المحور فرصة لاستهلاك الوقت وانهاك الآخر فكرًا وتفاوضًا، وحجر عثرة أمام موافقة حماس على أي صفقة، ومصر لن تتنازل عن خلو “فيلادلفيا” حسب اتفاقيات سابقة ،ويبقى النفس الطويل للمفاوض المصري في التعامل بحنكة وصبر مع من يبحث عن انتحاره المهم بقائه بالسلطة!!
اقرأ أيضا– صبري حافظ يكتب .. كورسك و الدفرسوار