كُتّاب وآراء

د/حمادة شعبان يكتب .. زيارة الرئيس المرتقبة إلى تركيا

ذكرت وسائل إعلام تركية أن فخامة الرئيس “عبد الفتاح السيسي” سيزور تركيا في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر المقبل، وأن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” سوف يستقبل فخامته بمراسم رسمية في قصر “بشتبه” الرئاسي.
ولهذه الزيارة عدة دلالات نوجز أهمها من وجهة نظرنا على النحو الآتي:

أولًا: تأتي هذه الزيارة في إطار تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الكبيرين تركيا ومصر، وهو ما سيكون له تأثيرات مهمة على الديناميكيات الجيوسياسية في المنطقة، حيث تعد الدولتان هما الأقوى عسكريًا في منطقة شرق المتوسط.

ثانيًا: ستكون هذه الزيارة فرصة للتباحث حول كثيرٍ من ملفات وقضايا منطقة الشرق الأوسط، وستكون القضية الفلسطينية هى الملف الرئيس في جدول أعمال الزيارة، وخاصة حرب غزة ووقف إطلاق النار ووقف آلة القتل الصهيونية وملاحقة القتلة في المحكمة الدولية ووصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطينيي وعدم توسع الحرب في المنطقة. كما ستتناول الزيارة بعض الملفات الأخرى مثل الأوضاع الخطيرة في السودان وعودة الاستقرار إليه، والحفاظ على وحدة التراب الصومالي… وغيرها من القضايا والملفات المهمة التي تتوافق حولها رؤى الدولتين.

اقرأ أيضا : د. حمادة شعبان يكتب .. متبقاش شخص مؤذي لأن في لحظة ممكن متبقاش موجود

ثالثًا: ستكون هذه الزيارة زيارة تاريخية ونقطة تحول في تاريخ العلاقات بين البلدين، إذ أنها ستقطع فترة 12 عامًا لم يزر خلالها أي رئيس مصري تركيا، سواء الرئيس السابق “عدلي منصور”، أو الرئيس الحالي “عبد الفتاح السيسي”. وفي خلال الزيارة سيتم تفعيل المجلس الاستراتيجي المصري التركي رفيع المستوى الذي سيمثل نقلة في مسار التعاون الثنائي بين البلدين وبوابة لتعزيز العلاقات بينهما، لا سيما وأنه رُفِع التمثيل فيه إلى مستوى رؤساء الجمهورية، حيث سيترأسه الرئيسان المصري والتركي، وهو ما سيعطي فرصة للقاء الرئيسين بصورة دورية، كما سيعطي قوة للمباحثات بين البلدين والاتفاقيات التي ستوقع بينهما من خلاله. ويُعوّل على هذا المجلس في تنسيق التعاون القوي والتشاور بين البلدين في مختلف القضايا.

رابعًا: تأتي هذه الزيارة بدعوة من الرئيس التركي “أردوغان”، الذي عبر في أثناء زيارته لمصر عن تطلعه وبلاده لزيارة الرئيس “السيسي”. كما ستكون الزيارة هي اللقاء المباشر الرابع الذي يجمع بين الرئيسين. فقد سبق والتقيا في 20 نوفمبر 2022، على هامش حضور حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، ثم التقيا في 10 سبتمبر 2023 على هامش قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية “نيودلهي”، ثم قام الرئيس “أردوغان” بزيارة رسمية إلى “مصر” في فبراير الماضي. وتمت هذه اللقاءات بعد مباحثات وزارية بين البلدين بدأت بزيارة وزير المالية التركي “نور الدين نباتي” لمصر في عام 2022، وانتهت بزيارة وزير الخارجية التركي “خاقان فيدان” في شهر يوليه الماضي، وهو ما يؤكد أن “مصر” سارت في ملف تطوير العلاقات مع تركيا بخطوات ثابتة ومتأنية وأعطت جميع الملفات بين البلدين حقها في الدراسة، وهذا مؤشر لكون الزيارة المرتقبة ستكون انطلاقة قوية في التعاون بين الدولتين المهمتين إقليميًا وعالميًا.

خامسًا: تؤكد الاجراءات التي عددناها في النقطة السابقة على أن وتيرة تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر قد استغرقت وقتًا أطول من تطبيع علاقات تركيا مع بعض الدول الأخرى في المنطقة، وهذا نظرًا لتأثير الدولة المصرية في عديد من القضايا المهمة في المنطقة، وعمق الملفات والتقاطعات الجيو سياسية التي تحتاج إلى تفاهمات ومحادثات بين الجانبين، وهو ما لم يكن موجودًا في التطبيع مع الدول الأخرى التي كان تطوير العلاقات معها شبه قاصر على تلطيف الخطاب السياسي وعقد مجموعة اتفاقيات وبروتوكولات تعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجاري.

أخيرًا نتمنى أن تكون هذه الزيارة خطوة مهمة على تصفير المشكلات بين دول عالمنا الإسلامي الذي هو في حاجة ماسة للتعاون والوحدة من أجل حل القضية الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني.

د/ حمادة شعبان مشرف وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى