جمال هليل يكتب: اغتيال … كرة القدم
مدرجات كرة القدم دون جماهير .. تشبه القبور المهجورة التي لا يذهب إليها أحد إلّا في وقت رحيل عزيز لديه .
ومدرجات الكره خلال السنوات الأخيرة أصبحت خالية من الجماهير وكأن هناك اتفاقا ضمنيا بين جماهير الأندية لعدم الحضور أو مقاطعة الملاعب !! ما السبب ؟!! .. هل ارتفاع ثمن تذاكر الدخول هو السبب أم أن ارتفاع الدولار ضرب المدرجات في مقتل ؟!!
و ياترى هل مستوى الكرة تدهور وتراجع ولم تعد للعبه الشعبية نفس قوتها وجماهيريتها السابقة في الماضي ؟!
المدرجات خالية إلّا من أطفال مدارس الكرة في الملعب، الذي تقام عليه المباراة حتى أننا نتابع المباريات تليفزيونيًا ،ونسمع صوت المدرب وهو يوجه اللاعبين .. وأصوات اللاعبين داخل الملعب الخالي من الجماهير !!
زمان ومنذ الستينات كانت مدرجات الأهلي والزمالك والاتحاد والمصري والإسماعيلي والمنصورة لا تسع المجاهير الغفيرة وكأن كرة القدم هي السلوى الوحيدة لهم أو قل هي سينما الأكشن الجماهيرية في ذلك الوقت
فجأة جاءت ضربة الإخوان في مدرجات المصري وراح العشرات ضحية الغدر في المدرجات، ومن هذا اليوم هبطت لعنة الكرة على كل مدرجات مصر ولسنوات متتالية .. حتى عندما انفضت الأزمة وبدأت الجماهير تعود من جديد . كانت مقيدة رقمياً وعدديا وما زلنا في توابع تلك الأزمة حتى الآن ما انعكس بالسلب على الأندية التي تلعب و قد خسرت دخل التذاكر، و كأن الجماهير هي الأخرى قررت المقاطعة ماذا أصاب المدرجات ؟!!
عندنا في مصر تشعر وكأن الجماهير التي كانت عاشقة بالأمس لكرة القدم، قاطعت بشبه إتفاق غير معلن بينما في باقي الدول العربية مثل السعودية والإمارات أو حتى ملاعب المغرب العربي مليئة بالجماهير التي تدفع الكثير ليصب في خزائن الأندية التي فتحت أبواب الاحتراف الحقيقي.
ماذا حدث عندنا في مصر ولماذا حالة الخصام الجماهيري مستمرة منذ اثني عشر عاماً.. وكأنها غضبة مجمعة متفق عليها ضد اللعبة الشعبية !
الآن .. أندينيا تتوجع تئن من الديون بسبب الاحتراف الذي فرض نفسه على ملاعب العالم . أصحبت كرة القدم مصدرا للإزعاج في سائر الأندية، بعد أن كانت مصدراً للدخل يصرف على باقى الألعاب.
اقرأ أيضا – جمال هليل يكتب : التنصت .. التلصص .. و التنمر !!
ماذا حدث.. وإلى متى تستمر أزمة الجماهير مع المدرجات؟ نعم .. أقر و أعترف أن الميديا الحديثة ساهمت في إحجام الجماهير عن الحضور و شراء التذاكر والانتقال إلى الملعب في أجواء ساخنة و ملتهبة
نعم ..أقر و أعترف أن الفشل التنظيمي لاتحاد الكرة ورابطة الأندية الفاشلة ولجنة المسابقات المهلهلة كلهم ساهموا في إفسادالمنظومة إداريًا وتنظيميًا، ما انعكس على الجماهير التي تفضل البقاء أمام التليفزيون أو حتى الانصراف لمتابعة فيلم أو مسلسل.
الأهم من ذلك هو غلاء تذاکر المباريات في ظل الأزمة المالية الاجتماعية التي تحياها مصر بسبب ارتفاع الدولار، لكن تبقى السوشيال میدیا هي المحرك الأول و المؤثر تأثيراً مباشراً بعد أن أصبحت المباريات مذاعة على الهواء و الجميع يحمل الموبايل ويتابع من خلاله حتى ولو كان فى السيارة على الطريق.
كل شيء من حولنا تغير و تبدل.. زمان كانت المباراة في الملعب فقط .. ثم انتقلت وأذيعت من خلال الراديو ليظهر التليفزيون في بداية الستينات وينتقل الوصف التفصيلي على الهواء، ومن بعده ظهرت الآراء وتحليل المباريات ليأتي الموبايل ويغتال كل ما قبله ويقدم الوجبة كاملة أينما كنت وللجميع مجانا فلماذا يذهب الجمهور للملعب؟!
هذا لا يعني أن كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم كله قد انتهت جماهيرياً .
عندنا في مصر ستبقى وتظل سلوى ومطلب كل مصري ومصرية .. ولكن مطلوب إصلاح شامل وكامل يبدأ من تغيير في منظومة اتحاد الكرة نفسه وفي الشخصيات التي تتولاه.
كفانا مصالح و كفانا من أناس فشلوا مرات ومرات و فشلت معهم المنتخبات و ضاعت بسببهم الألقاب التي كنا أسيادها من قبل !
نحن نحتاج إلى إدارة واعية فاهمة منظمة في الجبلاية تعمل لوجه الله والوطن .. ولكرة قدم حقيقية تواكب ما سبقنا فيه العالم الأوربي!
اقرأ أيضا– جمال هليل يكتب : باريس .. جرس انذار !!