كُتّاب وآراء

ماجدة صالح تكتب: دعوة للحياة…ليتنا نعود يومآ !!

ماجدة صالح

سنوات من أعمارنا مرت و بلمح البصر ، غيرتنا الظروف التي عشناها فيها ، تغيرت مفاهيمنا وأولوياتنا وأسلوبنا ،  تغيرت دعواتنا أيضاً لكن الأصل طبعآ غلاب ، حتى مقامات الناس في حياتنا تغيرت … تلك السنوات غيرت كل شيء فينا حتى وصلنا إلى النسخة التي عليها نحن الآن … في حياة كل منا لحظة معينه…ليس لأننا متغيرون او متبدلون أبدا والله لكن الحياه وناسها أصبحوا في حالة ريبه.

فلا نحاول إعادة حساب الأمس وما خسرنا فيه،فالعمر حين تسقط أوراقه لا تعود مرة أخرى. لكن مع كل ربيع جديد سوف تنبت أوراق أخرى، نتأمل تلك الأوراق التي تغطي وجه السماء، وندع مما سقط على الأرض فقد صارت جزءاً من الأرض فالأمل حياة أخرى موطنها السماء العُلى ورب السماء الحي الذي لايموت ونعمه بالله.

‏كنت أعتقد في صغري أن الجميع يتمنى الخير لغيره، وأن كل من يحلف بالله صادق اكييد ، وأن جميع النوايا طيبة، وأن من يتخد على عاتقه عهدًا يفي به ولا يخون أبدا مهما تغيرت الظروف والأحوال، وأن كل الأصدقاء طوق نجاة، وأن القلوب ببساطة تلين وتلين قوي كمان لأنها طيبة ونقية كنقاء الثلج ،وأن نقش الأسماء على الحائط هو الحب وكل الحب ، وأن العبور لمدينة الأحلام أمرًا سهلًا حتى كبرت وفهمت .

فقابلت في حياتي كل أصناف البشر، أحببت بعضهم، وأشفقت على البعض الآخر، و ابتعدت عن أصناف وأصناف، ليس كرها لكن حفاظا على احترامي لنفسي أولآ وثم الآخرون.. غير أنني ومن خلال تعامل مضن مع صنف بعينه، يمكنني التصريح أنني لم أستحقر في حياتي إلا هؤلاء الذين يعشقون العيش في دور الضحية، الذين يستحلون السطو على مشاعرك وإشعارك بأنك ملزم بتعويضهم عن جزء ما هو ناقص في حياتهم…‏لا يهم أنني كنت مجرد عابر في حياة أحدهم أو كنت مجرد ملجأ أو محطة لانتظار قطار أخر قادم.

يكفيني أنني كنت حسن النيه صادقه المشاعر….

اقرأ أيضا – ماجدة صالح تكتب .. يوم في عمري

لم أخدع أحد و لم أكن سببا في ألم أحد..لم أتلاعب بمشاعر الآخرين لهدف أو غايه، لا يهمني أن يذكرني الناس أو أصبحت في طي النسيان لايهم فالناس قلوبها متقلبه لاتشفع ولا تنفع طالما أننا مع الله رب القلوب.. سأظل بحسن نيتي وطبيعتي مهما تألمت…

فالإنسان لا يولد مرة واحدة..الولادة الأولى هي خروجه مِن رحم  أمه ..والثانية خروجِه مِن رحم السذاجه والسطحيّة، والثالثة خروجه مِن رحِم المعتقدات والعادات التي تكبل عقله وإنسانيّته ..والرابعة خروجه مِن رحم الأوهام والأهواء إلى فَضاء أرحب وأوسع وأنقى… ولم يؤلمني التقدم في العمر لأنه محتم، بقدر ما ألمتني أمنيات شابت بداخلي، لقد شاب قلبي قبل عمري فالحياه خير معلم تمدك بما لديها من التجارب والعقارب التي تمدك بعمر في سنوات عمرك الحقيقي وهذه سنة الله على الأرض…فلا نقدس شيئا في الحياة فكل شيء له وجه أخر لاتراه وكل شي ماضِ إلى الزوال تعامل مع معطياتها بوسطية وأعطي كل ذي حقٍ حقه .

مع كل ذكرى للميلاد كبرنا وعرفنا أن الحياة خارج أسوار منزلنا ليست جنة كما تخيّلناها يوماً..كبرنا وتعلّمنا أنّ كل خطوة من خطواتنا سرقت منّا وقتاً وجهداً وأنّنا لا نصل إلى ما نريده دونَ تعب..

كبرنا وتعرفنا على أشخاص كثيرون وتداركنا المواقف ولقّنَتنا الأيام الصعبة دروساً قاسية، كبرنا وأصبحنا نتمهّل في اتخاذ قراراتنا ، في اختيار من نحب والأصدقاء ، تعلمنا أن الحب شرط أساسي في الحياة ولا يجب أن نستنزفه مع عابر..كبرنا وتيقنا أننا نحن من يجب أن نصون أنفسنا ونحميها من شرورها وأفكارها الهائجة، لتكون أفضل نسخة من مثيلتها السابقة، كبرنا وتمنينا أن نعود أطفالاً ..لا نفكر بشيء أبداً ونعيش ننسج أحلاماً وردية ،وفي كل ذكرى ليوم الميلاد وعدّاد العمر يمر سريعاً وكلما كبرت بالسن، وجدت أنه من غير الممكن العيش إلّا مع الذين يحرروننا، ويحبوننا حبًا خفيف الحمل، قاسي جدا، إحساس أن العمر مر وأننا فجأة كبرنا مسؤولياتنا زادت وأولوياتنا تغيرت، بقينا نحمل حزننا داخلنا …

نبكي ونعاني في صمت ،نتظاهر بالقوة والسعادة في عز ضعفنا،ورغم كل هذا مازال بداخلنا طفل يريد أن يعيش حياته، أتذكر دائما مقولة للدكتور أحمد خالد توفيق ، لما قال :” أود أن أبكي وأرتجف وألتصق بأحد الكبار ، ولكن الحقيقة القاسية هي أنني أحد الكبار..!!”..الحياة اليوم قاسية جداً ، مريرة جداً ، مرهقة جداً ،حتى نتحمل أيضا عبودية جديدة آتية من الذي نحبهم ونتحمل تقلبات الحياه التي لا تنتهي إلا بالموت.

magda_sale7@yahoo.com

اقرأ أيضا – ماجدة صالح تكتب .. إبليس اليوم إنسان .. نار تحت الرماد !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى