السفير مدحت القاضي يكتب .. وليعلم الجميع و ليتذكر المصريين أنّ جرائم الحرب والجرائم ضِد الإنسانية لا تسقط بالتقادم!
..تلك كانت كلماتنا مُنذ عامين..تعليقاً وتحليلاً بشأن ما جاء بصحافة إسرائيل اليوم (١٣ يوليو ٢٠٢٢) عن المقبرة الجماعية المكتشفة في إسرائيل التي تضم رفات 80 جندي مصري من أصل 100 من رجال كتيبة النخبة «الكتيبة 33» وهي احدى فرق الصاعقة المصرية:
[١] توقيت النشر اليوم (في ١٣ يوليو ٢٠٢٢) بالصحافة الإسرائيلية، هو بلا شك توقيت خبيث، ومقصود.
[٢] هل هذا تمهيد من نوع خاص لرفع أسهم إسرائيل قبل زيارة الرئيس الأمريكي بايدن المزمعة لإسرائيل والسعودية ثُم لقاءه بزعماء المنطقة ومنها مصر تحديداً!.
[٣] ام هو بمناسبة مرور ٧٠ عاماً علي مجيء ناصر ورفاقه للحٌكم في يوليو ١٩٥٢!.
[٤] هل تدري إسرائيل أنها أغلقت بيدها وعلي هذا النحو مولد أبو حصيرة وللأبد؛ في وقت كان ينبغي فيه ان تعمل علي إحياؤه (مِن وجهة نظر المصلحة الإسرائيلية)!.
[٥] هل تكتب إسرائيل بيدها مُستقبل النهاية؛ في وقت ينبغي فيه ان تكتب وتشارك في كتابة بدايات المٌستقبل، إذا أرادت فعلاً ان تعيش في أمن وآمان مع دولة جوار كبيرة مثل مصر!.
[٦] نعم لا أحد يُنكر ان هزيمة ١٩٦٧ حوت فظائع ومآسي؛ مٌعظمها كان ينبغي الا يكون محلاً للنسيان، او السكوت عنه من جانب مصر وسوريا والأردن.
[٧] الا ان نجاحاتنا في حرب ١٩٧٣ ساهمت في المزيد من هذا التجاوز والنسيان، وهذا التغاضي.
[٨] لكن ان يأتي ويكون التذكير اليوم، وبعد ٥٥ عاماً، بفظائع ومآسي حرب ١٩٦٧ علي لسان صحافة إسرائيل؛ .. فهذا أمر يحتاج ليس فقط تفسير؛ بل الي وقفة!.
[٩] هل يُدرك، وهل يقصد، ناشر الخبر الإسرائيلي، حجم الضرر والأذي النفسي الذي لحق بمصر وشعبها من جراء هذا النشر!.
[١٠] وكيف لها ان تتجاوزه!!.
[١١] هل تستطيع مصر مع الاْردن، رد الصاع صاعين، ومطالبة الدولة التي [تنشر] اليوم و [تعترف] و [تتباهي] بهذه الافعال ب [تعويضات] ب اعتبارها جرائم حرب، وجرائم ضِد الإنسانية!؟.
[١٢] وليعلم الجميع؛ وليتذكر المصريين؛ ان جرائم الحرب والجرائم ضِد الإنسانية لا تسقط بالتقادم!.
[١٣] ولِمَ لا تنضم الاْردن الي مصر وهي التي جاء حديث الصٌحف العبرية عنها في هذه الروايات اليوم، بما يضعها في موقف المُتآمر علي هذه العناصر من كتيبة الجيش المصري!.
[١٤] لقد جعلتمونا نتذكر ماذا فعلت إسرائيل من جرائم وفظائع بعد ٦٧، وكيف – مثلاً – نبشت مئات القبور داخل سوريا حتي تعثر علي جثمان ايلي كوهين.
[١٥] نعم – وحسب قول صحافة إسرائيل (مُنذ عامين) – المقبرة الجماعية المكتشفة في إسرائيل تضم رفات 80 جندي مصري من أصل 100 من رجال كتيبة النخبة «الكتيبة 33» وهي احدى فرق الصاعقة المصرية، وكانت هذه الكتيبة قد أرسلها الرئيس «عبد الناصر» للأردن بعد توقيع معاهدة دفاع مُشترك مع العاهل الأردني الملك «حسين بن طلال» بٌناءاً على طلبه، وفور دخول الكتيبة للأراضي الأردنية تم تكليف عدد منهم من القيادة الأردنية بمهمة الهجوم على مطار عسكري اسرائيلي إسمه مطار «اللــد» وتم تسليمهم خرائط غير دقيقة من الحكومة الأردنية أرشدتهم خطأً إلى مكان لا يوجد به مطار ولكنه كان منطقة أحراش تحيط بقرية «اللطرون» بمنطقة «الرملة» الفلسطينية، والتي أصبحت فيما بعد جٌزءاً من «كيبوتس نحشون» الإسرائيلية، وكانت هذه المنطقة تحتوي على تمركز لكتيبة كاملة من مشاة الجيش الإسرائيلي.
[١٦] وكما نشرت صحافة إسرائيل: “وحينما أدرك المقاتلون المصريون أنهم قد ذهبوا لمكان خاطئ أرشدتهم إليه الخرائط غير الدقيقة وأنه لا يوجد في هذه المنطقة مطار ولا يحزنون، بدأوا في مهاجمة كل مركبة وكل شخص رأوه، لكن في النهاية، وجد المصريون أنفسهم محاصرين في «المنطقة الحرام» في وادي «أيالون»، و أدى ذلك إلى إشتباك الـ 100 جندي صاعقة مصري مع جيش يفوقه في العدد والعدة والعتاد، وقد نالوا من الجنود الإسرائيلين بأعداد كبيرة ولم يستطع الجيش الإسرائيلي التقدم للمنطقة التي يسيطرون عليها رغم التفوق الهائل له في كل شئ، مما إضطر قيادة الجيش الإسرائيلي لقصف الجنود المصريين بقنابل الفوسفور المحرمة دولياً، واضرام النيران في آلاف الدونمات غير المزروعة من الأحراش البرية في الصيف الجاف، وهو ما أدى لابادة الجنود المصريين وحرقهم أحياء، ومنهم من تمزق إلى أشــــلاء، حتى احـتــرق 80 بطل منهم ولم يتمكن منهم من العودة إلى الأردن سوى 20 مٌجند فقط”.
اقرأ أيضا : السفير مدحت القاضي يكتب : سور مجري العيون .. بين عراقة ماضي .. و إهمال حاضر.. و تطوير توقف
[١٦/] .. “وعقب إنتهاء هذه المعركة سارعت قوات الجيش الإسرائيلي بإخفاء جريمتها بحفر خندق بواسطة جرارات ودفن الجثامين والأشلاء فيه كي لا تكون الجثامين دليلاً على إستخدام القنابل الفسفورية، ودفنوا في مقبرة واحدة جماعية في خرق واضح لمعاهدة جنيف”.
[١٦//] .. “وقد اعترف الجندي الإسرائيلي الذي حكى واقعة حرق الـ 80 جندي مصري بقنابل الفوسفور للإعلام الإسرائيلي بقوله: إننا تسارعنا على أخذ مقتنيات و أسلحة الجنود المصريين قبل دفنهم كتذكار، لأنهم جنود بواسل قاتلوا بشرف They fought with honor ، وقال أنه مازال يحتفظ بساعة يد أحد الجنود وله صديق محتفظ بسلاح كلاشينكوف لأحد الجنود المصريين، وقال كُنا نتمنى من حكومتنا عمل سور للمقبرة لاحترام ذكراهم”.
[١٧] رحم الله شٌهداء مصر الأبطال، الذين واجهوا الخيانة والتقصير، وتحدوا وواجهوا الظروف الصعبة، وقاتلوا بكل شجاعة وبسالة حتى النهاية.
[١٨] وليعلم الجميع؛ وليتذكر المصريين؛ ان جرائم الحرب الإسرائيلية والجرائم ضِد الإنسانية؛ لا تسقط بالتقادم]!.
[١٩] وهي الجرائم الخطيرة المحددة في إتفاقية جنيف المعقودة في 12 أغسطس 1949 لحماية ضحايا الحرب.
[٢٠] في القانون الدولي، هناك جرائم معيّنة لا تسقط بالتقادم. وهذا يعني أنه مهما طال الزمن المنقضي، فإنه يجوز رفع الدعاوى القضائية على مرتكبي هذه الجرائم.
[٢١] وأصبح عدم سريان التقادم على جرائم الحرب إحدى قواعد القانون العرفي (القاعدة 16 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي).
[٢٢] ما هو الفرق بين جرائم الحرب والجرائم ضِد الإنسانية؟: .. جريمة الحرب لها عنصر {سياقي} وهو النزاع المسلح، وعنصر {نفسي} يقتضي أن يكون الجاني على عِلْم ووعي بتصرفاته، إلا أنها على عكس “الإبادة الجماعية” و”الجريمة ضِد الإنسانية” لا تخص المدنيين، بل يمكن ارتكابها على المقاتلين العسكريين.
[٢٣] إهتمامي بهذا الموضوع: يعود الي أنني كُنت – بفضل الله – شاهداً علي الحرب، وشاهداً علي السلام.
كاتب المقال … سفير/ مدحت القاضي:
[ عضو اللجنة العسكرية المٌشتركة بين مصر وإسرائيل ١٩٧٩ – سفير مصر لدي سلطنة عٌمان سابقاً – عضو الهيئة الاستشارية لتحليل السياسات الإيرانية AFAIP – كبير مٌستشارين مركز القانون والعولمة CLG جامعة رينمين/بكين ]