جمال أبو الفتوح يكتب : أسمر يا أسمراني .. ايه أسّاك عليا
هذه المرة تأتى الضربة من الأشقاء، أو بالتحديد من كيان أفريقى مهم وهو مجموعة البنك الأفريقى للتنمية حيث يزف التقرير السنوى للمجموعة خبرًا حزينًا للمصريين ، ملخصه أن الخير كل الخير على أعتاب القارة السمراء باستثناء مجموعة دول فى شمال أفريقيا من بينها مصر .. و لا أدرى لماذا لم يحشرنا التقرير الأفريقى فى زمرة المبشرين بالتنمية الاقتصادية رغم أننا كمصريين نفرح لكل ما يسعد الأشقاء الأفارقة ، كما نحزن بشدة إذا جاءتهم مصيبة ، ومصائب أفريقياعديدة ومتنوعة ، من الحروب الأهلية إلى الكوارث الطبيعية، ومن الفيضانات والجفاف إلى الانقلابات العسكرية وحركات التمرد، ومن التدخلات الأجنبية إلى سرقة الموارد والثروات، ومن انتشار الفقر إلى موجات الهجرة الجماعية الشرعية وغير الشرعية .. المهم أن هموم القارة السمراء التى ننتمى إليها توجع القلوب، وبالتالى فإن أى خبر مفرح يصيبنا بكثير من الارتياح والبهجة .. وبغض النظر أن بعض الأفارقة سببوا لنا الكثير من المشاكل .. خاصة فيما يتعلق بسد النهضة الأثيوبى الذى يهددنا بالعطش ، كما أنهم نكدوا علينا فى نهائى كأس الأمم الأفريقية عندما استخدم السنغاليون الليزر أثناء تسديد ضربات الترجيح ،إلا أننا نتسامح بسرعة وننسى الإساءة لأننا مازلنا نسْبح فى مياه المصير المشترك لرفقاء درب التحرر من الاستعمار وشركاء مكافحة التبعية والاستغلال.
وقبل أن نخوض فى تفاصيل هذا التقرير الذى دفعنى لترديد أغنية العندليب الأسمرالشهيرة ” اسمر يا سمرانى إيه أساك عليا” ،علينا أن نتعرف على الجهة التى أصدرت التقرير، لأن درجة مصداقية أى تقرير ترتبط بثقل الجهة التى أصدرته، والجهة هى مجموعة البنك الأفريقي للتنمية و التى تعد مؤسسة تمويل التنمية الأولى في أفريقيا.
وهي تتألف من ثلاثة كيانات متميزة، وهي البنك الأفريقي للتنمية، والصندوق الأفريقي للتنمية والصندوق الائتمانى النيجيري. ويساهم البنك من خلال وجود ميداني في 41 دولة أفريقية ومكتب ميداني في اليابان، في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لدوله الإقليمية الأعضاء البالغ عددها 54 دولة.
التقرير يقول أن شرق أفريقيا هي المنطقة الأسرع نموا، وغرب أفريقيا سينتعش، في حين أن الجنوب الأفريقي سيشهد زيادة طفيفة في النمو، بينما ينخفض النمو فى شمال افريقيا من 4.1% في عام 2023 إلى 3.6% في عام 2024 و4.2% في عام 2025، مع تخفيض قدره 0.3 نقطة مئوية لعام 2024 مقارنة مع توقعات يناير 2024. وباستثناء ليبيا وموريتانيا، تم تعديل النمو تنازليا بالنسبة لجميع البلدان الأخرى في المنطقة ومن بينها مصر التى لم يذكرها التقرير بالإسم تأدبا على ما أظن.
وفى المقابل توقع التقرير أن تنتعش شرق أفريقيا مرة أخرى باعتبارها المنطقة الأسرع نموا في أفريقيا، مع ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من ما يقدر بـ 1.5 في المائة في عام 2023 إلى 4.9 في المائة في عام 2024 و 5.7 في المائة في عام 2025.
كما توقع أن يتحسن النمو فى منطقة وسط أفريقيا بقوة إلى 4.7% في عام 2025، و أن ينتعش النمو في غرب أفريقيا، ليرتفع من 3.6% في 2023 إلى 4.2% في 2024، ثم يستقر عند 4.4% في العام التالي.
إذًا التقرير الخطير له وزن ، ولا يجب أن يمر مرور الكرام .. وليس المطلوب أن يخرج علينا أحدهم فى برامج التوك شو ليقول لنا كلامًا لا يغنى من جوع وفقر وعدم تنمية، فالأفارقة ليسوا أفضل منا لكى ينجحوا فى تحقيق التنمية فيما نتخلف نحن ، بعد أن كنا نسبقهم بأشواط فى جميع المجالات، لكننا للأسف نتراجع وهم يتقدمون حتى أنّ بلادًا مثل راوندا أصبحت وطنا لصناعة السيارات وتستعد لتصدير مليون سيارة خلال الأعوام القليلة المقبلة..
إنهم لم يسبقونا فقط فى كرة القدم.. بل أنهم توغلوا فى كل المجالات وطرقوا كل السبل من أجل رفع مستوى معيشة مواطنيهم.
والملاحظ أن التقرير لم يتجاهل ربط النجاح بالسياسات الحكومية وخاصة السياسات الضريبية وتشجيع القطاع الخاص،
و الجدير بالذكرأيضا أن توقعات التقرير بالنسبة لمصر لم تتأثر بإعادة تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة لأن التقرير صدرفعلا قبل إعادة تكليفه بأيام ..!