مركز طقس العرب يتوقع انتهاء الموجة الحارة بنهاية يونيو .. والسنوات الخمس المقبلة أكثر شراسة حراريًا
شهدت الأيام الأخيرة موجة حر عننيفة عانى منها العديد من الدول في العالم بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بشكل جنوني، تسببت في مقتل مئات الأشخاص حتى الآن، فيما أصدرت العديد من السلطات تحذيرات واسعة.
و قبل بداية أيام الصيف في العشرين من يونيو اجتاحت موجة الحر أثرت على ملايين الأشخاص حول العالم، ويتوقع أن تسجل درجات حرارة قياسية يمكن أن تتجاوز تلك التي تم تسجيلها الصيف الماضي، وجعلته الأكثر حرارة منذ أكثر من عقدين، بحسب وكالة رويترز.
ففي السعودية، حيث اختتم ما يقرب من مليوني مسلم مناسك فريضة الحج أخيرا، لقي مئات الحجاج حتفهم وسط درجات حرارة أعلى من 51 درجة مئوية، وفقا لتقارير من سلطات أجنبية.
وعانت دول في محيط البحر المتوسط أسبوعا آخر من درجات الحرارة المرتفعة التي ساهمت في نشوب حرائق غابات من البرتغال إلى اليونان وعلى طول الساحل الشمالي لأفريقيا في الجزائر، بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية.
وتعاني مناطق في شمال شرق الولايات المتحدة والغرب الأوسط أيضا مما يعرف باسم القبة الحرارية، حيث صدرت تحذيرات لعشرات ملايين الأشخاص بسبب الحرارة الخميس، وفقا لخدمة الطقس الوطنية الأمريكية.
كان العام الماضي الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم، ووفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي فإن عام 2024 قد يحطم هذا الرقم القياسي بنسبة 50 في المئة.
وفي كل الأحوال، سيكون بالتأكيد من بين السنوات الخمس الأكثر سخونة، بحسب الوكالة الأميركية.
يقول العلماء إن موجات الحر المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ، وفقا لتقرير نشرته وكالة فرانس برس.
الشاكر رئيس مركز طقس العرب
محمد الشاكر، الرئيس التنفيذي لمركز طقس العرب، يؤكد أن موجة الحرارة بدأت في الانحسار، وخلال بضعة أيام يتوقع أن تبدأ درجات الحرارة في الاعتدال وتعود لمعدلاتها الطبيعية في أغلب دول بلاد الشام ومصر وليبيا.
وقال في تصريحات صحفية، الأجواء الحارة تركزت في منطقة بلاد الشام ومصر وليبيا بمستويات أعلى من المعتاد خلال الأيام الماضية، ولكنها ليست درجات حرارة قياسية، أي أنها لم تتجاوز معدلات سابقة وصلت إليها هذه المناطق في فترات سابقة.
ووفق مجموعة “المناخ المركزي” ومقرها في نيوجيرزي وهي تضم علماء مستقلين، يرتبط ارتفاع درجات الحرارة في الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا بتغير المناخ، حيث تأثر أكثر من 290 مليون شخصا في المنطقة من طقس حار غير معتاد.
وأشارت إلى أنه منذ 11 يونيو تأثرت السعودية والعراق وسوريا والجزائر ومصر وتركيا واليونان بأجواء حرارة مرتفعة وتجاوزت الدرجات في بعض المناطق الـ 40 مئوية.
وتؤثر أول موجة حر كبيرة هذا العام في الولايات المتحدة حاليا على شمال شرق البلاد، وهي موجة حر مبكرة لأن الصيف بدأ للتو.
ويؤكد تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست أن “أسوأ درجات الحرارة” في الولايات المتحدة قد تؤثر على بعض الولايات خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث قد تتجاوز درجات الحرارة الـ 43 درجة مئوية، وقد تستمر لعدة أيام.
وتشير التوقعات إلى أن الحرارة الأكثر شدة ستنتقل من جنوب وغرب الولايات المتحدة إلى الجنوب الشرقي والأوسط خلال الأيام المقبلة، فيما تواجه مناطق قرب ساحل المحيط الأطلسي “خطرا حراريا” من مستويات المرحلة الثالثة والرابعة، والتي تعتبر “خطرة على صحة الإنسان.
ومن غير الواضح متى ستنحسر موجة الحرارة في الولايات المتحدة، إلا أنها “ستشتد في بعض المناطق وتتراجع في مناطق أخرى”، ولكن “استمرار الحرارة في بعض المناطق” هو ما يقلق السلطات بشكل أكبر، بحسب الصحيفة.
ويقول الشاكر إنه بنهاية يونيو الحالي يرجح أن تأتي موجة حارة جديدة لدول الشرق الأوسط، ولكنها بمعدلات أقل من تلك التي تشهدها المنطقة في الأيام الحالية.
وتكشف مؤشرات الطقس خلال شهر يوليو المقبل أن درجات الحرارة ستكون مقاربة أو أقل من معدلاتها الطبيعية في دول بلاد الشام وبعض دول شمال أفريقيا.
ويوضح الشاكر، أن دول الخليج تحظى بأجواء حارة وهي ضمن معدلاتها خلال هذه الفترة من كل عام، أما دول شمال أفريقيا حظيت بأجواء أقل من معدلاتها في كل عام، ولكن في أواخر يونيو الحالي يتوقع أن تحظى الجزائر وتونس وأجزاء من المغرب بارتفاع كبير في درجات الحرارة، خاصة المناطق الساحلية.
وفي الولايات المتحدة يتوقع أن تشهد درجات حرارة أعلى من المعتاد بين يوليو وسبتمبر، وفقا لتوقعات وكالة حكومية أمريكية الخميس، في وقت تشهد البلاد أول موجة حر كبيرة هذا العام فيما يعرف باسم “القبة الحرارية”.
ماهي القبة الحرارية
وتحدث القبة الحرارية عندما يحبس نظام قوي عالي الضغط الهواء الساخن فوق منطقة ما، مما يمنع الهواء البارد من الدخول ويتسبب في بقاء درجات حرارة الأرض مرتفعة.
وقالت يونا إنفانتي خبيرة الأرصاد الجوية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لفرانس برس: ما نتوقعه هو أن القسم الأكبر من الولايات المتحدة باستثناء بعض المناطق سيشهد درجات حرارة أعلى من المعتاد.
وأوضحت أن هذه التوقعات لا تكشف عن أي حالات جوية قصوى محتملة موجات الحر ودرجات حرارة قياسية وغيرها قد تحدث هذا الصيف.
وبموجب خطة طوارئ لمواجهة الحرارة، قالت مدينة نيويورك إنها ستفتح مراكز التبريد بها لأول مرة هذا العام.
وأصدرت هيئات الأرصاد أيضا تحذيرا من الحرارة المفرطة في مناطق من ولاية أريزونا، بينها فينيكس، حيث من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة في بعض الأيام الـ 45.5 درجة مئوية.
وشعر مليارات الأشخاص حول العالم بموجة الحرارة “القاتلة” التي يغذيها التغير المناخي بحسب تقرير آخر نشرته صحيفة واشنطن بوست.
أوروبا.. والحر
وتواجه أوروبا هذا العام موجة من حالات اختفاء ووفاة سائحين وسط درجات حرارة خطيرة.
وقالت الشرطة اليونانية، الاثنين، إنها عثرت على أمريكي عمره 55 عاما وقد توفي في جزيرة ماثراكي، في ثالث حالة وفاة من نوعها خلال أسبوع.
وسجلت أكثر من 1100 وفاة في موسم الحج في السعودية لهذا العام بسبب الإجهاد الحراري، وفق ما ذكرته تقارير عدة، كما أعلنت دول أخرى عن وفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة، حيث عثرت السلطات الهندية على عشرات الجثث في دلهي متوفين بسبب الحرارة.
وفي الهند عادة ما تستمر فترة الصيف من مارس إلى مايو، عندما تبدأ الأمطار الموسمية في اجتياح البلاد ببطء وتخفيف حرارة الجو.
و قضى ما لا يقل عن 550 حاجا خلال أداء فريضة الحج في مكة المكرمة، لأسباب مرتبطة بارتفاع درجة الحرارة والإجهاد الحراري.
ويقول العلماء إن الحرارة الحارقة التي اجتاحت القارات الخمس في الأيام الأخيرة تقدم دليلا إضافيا على أن الانحباس الحراري العالمي الذي يسببه الإنسان أدى إلى ارتفاع خط الأساس لدرجات الحرارة الطبيعية إلى درجة أن الكوارث التي لم يكن تصورها أصبحت شائعة”، بحسب واشنطن بوست.
وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك احتمالا بنسبة 86 في المئة أن تسجل إحدى السنوات الخمس القادمة أعلى درجات حرارة على الإطلاق، متجاوزة عام 2023.
وبينما ارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكل عام نحو 1.3 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن تغير المناخ يغذي درجات الحرارة القصوى الأشد ارتفاعا، مما يجعل موجات الحر أكثر شيوعا وكثافة وأطول أمدا.
ووفقا لفريق دولي من العلماء لدى مجموعة “ورلد ويذر أتريبيوشن” فإن موجة الحر التي كانت تحدث مرة واحدة كل عشر سنوات قبل الثورة الصناعية ستحدث الآن 2.8 مرة كل عشر سنوات، وستكون أشد حرارة بمقدار 1.2 درجة مئوية.
ويقول علماء إن موجات الحر ستستمر في التزايد في حال استمر العالم في إطلاق العنان للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري.
ووفقا لمجموعة “ورلد ويذر أتريبيوشن”، فإنه إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين فوق مستواها الحالي، ستحدث موجات الحر 5.6 مرة كل عشر سنوات في المتوسط، وستكون أشد حرارة بمقدار 2.6 درجة مئوية.