كُتّاب وآراء

صبري حافظ يكتب .. العسقلاني .. والفساد

فى حديث تلفازى تلقائى، لرئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» محمود العسقلاني، كشف فيه عن أحد أسباب الأزمة التى تعيشها مصر فى السنوات الأخيرة والتى أدخلت البلاد فى نفق مظلم وهو الفساد بشقيه «المُقنن والمُقنع»، وغياب الرقابة على الأسواق وضبط السلع وعدم وجود آلية لمواجهة هذا الانفلات فى الأسعار ومرده غياب الرؤية لتصحيح المسار وتقليل التضخم والعجز المالي وجشع التجار وجعل المواطن فريسة سهلة ينهش فيه كل من يبيع سلعة.!

العسقلانى قال: التاجر بياخد حصتين من السكر كل حصة تحتوي على 5 آلاف كيلو، ويشترى الكيلو بـ23 ويبيعه بـ50 جنيهًا، دا بيكسب كام فى الأسبوع لا بد من معاقبته وردعه ووقف نشاطه حتى يكون عبرة لغيره، والتاجر اللى قاعد وبيحدد سعر الفراخ بالموبايل لازم يكون فى رقابة عليه!

حديث العسقلانى العفوى كشف عن الألم الذى يعانى منه المواطن من «هوجة الأسعار» التى تتزايد يومًا بعد يوم دون انخفاض وتختلف من تاجر إلى آخر لدرجة أن أحد الأشخاص «البسطاء» كشف لى عن أنه بات يُهدر ساعتين أو ثلاثًا من وقته يوميًا لإجراء عملية استكشافية فى الأسواق المجاورة له والبعيدة، حتى يصل للسعر المنخفض نسبيًا، رغم أن السلعة واحدة هنا وهناك من حيث «النوعية والجودة وتاريخ الإنتاج».

كل ذلك بهدف توفير 3 أو 5 جنيهات أحيانا فى السلعة الواحدة، وتجميع فارق السعر لعدد من السلع التى يحتاجها البيت توفر له مبلغًا يكافح به من أجل البقاء على قيد الحياة، والتصدى لمافيا التجار الجشعين.

وما قاله العسقلانى نقطة مياه فى بحر لهيئات وقطاعات دون رقابة حقيقية للكشف عما يدور بداخلها، فكلما زاد لهيب الأسعار تصاعد منحنى الفساد «بشقيه» من كبار وصغار بدعاوى باطلة نهاية تفاصيلها «عوزين نعيش زي الناس»!

والفساد وغياب الرؤية آفاتان يصلان بأى مجتمع مهما كانت درجة مناعته إلى الفوضى والضياع.

الفساد يُفضى إلى إحداث ضرر فى البناء الاقتصادي والاجتماعي لأى دولة من خلال هدر الموارد الاقتصادية, وزيادة الأعباء على الموازنة العامة, وخفض كفاءة الأداء الاقتصادي, وسوء توزيع الموارد, لتحقيق منافع شخصية، مادية أو غير مادية، عينية كانت أو نقدية على حساب المصلحة العامة وإفساد نفوس وعقول أبناء الوطن خاصة النابغين وأغلبهم من أسر بسيطة.

ومشكلة غياب الرؤية عدم الاستفادة من الخبرات وتقديم أهل الثقة – حتى دون امتلاك قدرات ومؤهلات–على أهل الخبرة والكفاءة، وانعكاس ذلك على المجتمع بكل طوائفه ومستوياته وعدم استغلال مصادر قوته.

حكومتنا بتشكليها الجديد فى حاجة لتغيير سياسات كثيرة للخروج من المأزق الذى يعانى منه الجميع.

مصر فى حاجة لتنشيط الأنشطة الاقتصادية لتوفير النقد الأجنبى، وخاصة الصادرات الخارجية من خلال قاعدة صناعية كبرى لسلع ومنتجات يحتاجها السوق المحلى والخارجى، والاستثمارات المباشرة، وترشيد الإنفاق الحكومى، بعيدًا عن مبررات الوضع الجيوسياسى المحيط بمصر لأن أزمتنا الاقتصادية تسبق الحرب فى غزة بسنوات، وماذا لو كنا فى معارك حربية على جبهتين أو ثلاث؟!

اقرأ أيضا :

صبري حافظ يكتب .. تخفيف الأحمال أفضل يا صديقي !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى