جمال أبوالفتوح يكتب : عودة الثقة بين المواطن والحكومة .. بشرط
مشكلة المشاكل حاليًا بالنسبة للمواطن المصري ليس الغلاء ولا الفقر ولا التضخم ..وإنما الحصول على معلومة صحيحة وسبب واضح لكل هذا التدهور .. المواطن المصرى فقد الثقة فى تصريحات المسؤولين وتبريراتهم التى لا تنتهي ، كما فقد الثقة فى إعلام يغير جلده طبقا لمزاج الحكومة ، فلو قررت الحكومة الإبقاء على الدعم “يزعرد” الإعلاميون.
فرحًا بحنية الحكومة، وتسمع من برامج” التوك شو الموجهة” أحلى تقسيم على الطبلة تمجيدا لإنسانية الحكومة.. ولو قررت الحكومة إلغاء الدعم تجدهم يتفننون فى الإشادة بعظمة القرار ويكادوا يرقصون ابتهاجا بالحراك الحكومى الجديد ،وفى الوقت نفسه يتبارى المسؤولون فى الإشادة بهذا القرار او ذاك .. وأصبح تكرار سيناريوهات التصريحات ونقيضها معتادا لدى المسؤولين فإذا أعلنوا أنهم سيتخذون إجراءات لضبط الأسعار فهذا معناه أن الأسعار سترتفع فى اليوم التالى .. واذا أعلنوا حل مشكلة البضائع المكدسة فى الميناء تكتشف أن الأسعار لم تنخفض .. واذا انخفضت فإنها تعاود الارتفاع بسرعة ، وقد تسببت هذه الأوضاع فى فقدان الثقة فى أى تصريحات أو تبريرات وبالتالى فقدان الثقة أو انعدامها بين الحكومة والمواطنين.
ومعنى ألا يحصل المواطن على المعلومة الصحيحة من حكومته أو من الأعلام الذى يبرر تصرفاتها .. فـ سيلجأ إلى مصادر أخرى للمعلومات لأن من حقه أن يطمأن على مستقبله ومستقبل أولاده .. واذا كنا نطالبه بالتحمل والصبر .. فمن حقه أن يعرف إلى متى .. ولماذا يتحمل وحده بينما يجد بذخا واضحا وتمييزا ملموسا فى توزيع الدخل لصالح قطاعات عديدة ،ناهيك عن مظاهر الفساد ،ومن هنا تترعرع البيئةالصالحة للشائعات .. التى تساهم فى اتساع الهوة بين المواطن والحكومة،وبالتالى يفقد المواطنين الانتماء وروح الجماعة و تنتتشر السلبية و السخط والكراهية .
ولحل هذه المشكلة يجب أن تلجأ الحكومة إلى وسائل لامتصاص موجات الغضب قبل أن تتحول إلى تسونامي يجرف الكل فى طريقه، وأهم هذه الخطوات هى تخفيف القيود على حرية الرأى ووقف الاحتكار والسيطرة الحكومية على غالبية وسائل الإعلام المسموعة والمقرؤة والمرئية، ليرى المواطن البسيط بنفسه الرأى والرأى الآخر.. بدلًا من أن يصبح فريسة للشائعات المغرضة .
و يجب السماح بمعارضة وطنية حقيقية تتحمل مسؤلية النقد البناء وكشف الفساد لتكون عونًا لصاحب القرار فى اتخاذ قرار نزيه لصالح الوطن والمواطن ، كما أن وجود معارضة حقيقية وليست كومبارسات كرتونية سيجعل المسؤول الحكومي صادقا ويراجع نفسه قبل أن يطلق معلومة غير دقيقة أو تصريحا مستفزا .. لأن هناك من سيرد عليه ويحرجه، وبالتالى سيتحسن الأداء الحكومي بما يُرضى طموحات المواطنين ويرفع مؤشرات الثقة بقوة فى قرارات السادة المسؤولين عن إدارة البلاد.
كما ستزداد ثقة المستثمرين فى الداخل والخارج فى جدوى الاستثمار فى دولة تتمتع بقدر كبير من الحرية والديمقراطية وحرية الرأي وكلها عوامل جاذبة للاستثمار ، دعونا نحاكي العالم الحر لعلنا نفوز فى النهاية برفاهية مواطنيه.