عادل القليعي يكتب .. الراقصون بالخمور على مذاهبنا
هل أصبح الخمر رمزًا للتعبير عن الرأي ، رمزا للحرية ، رمزًا للحداثة والمعاصرة، رمزًا للمدنية الحديثة.
جميعنا يعلم أن كل ما خامر العقل وغيبه فهو منكر ، لماذا ، لأن العقل نعمه من نعم الله تعالى جعله الله فى الإنسان لتهذيب نفسه ، ولكي يضع الأمور فى نصابها ، وبما إنه عقل ، فأولى مهامه التعقل ، بمعني كل فعل يقدم عليه الإنسان أو يهم ويشرع فى فعله لابد من عرضه على العقل ضابط ميزان الجسد الذي يوفق بين الجانبين المادي والمعنوي داخل الإنسان ، فيروض الشهوة بالعفة ، والشجاعة بالتريس وعدم التهور ، والتفلسف بالتدبر، والغضب بالحلم.
لذلك حفظه الله تعالى من كل ما يخامره أو يغيبه فحرم شرب الخمور بل وجعلها رجس من عمل الشيطان ، ولماذا جمع بينها وبين الميسر (القمار)، لأن الذي يلعب الميسر مخمورا لا يدرك ما يفعله وقد يرتكب جرم أعظم ترتب عليهما ، لذلك قال ربنا (فهل أنتم منتهون)، سؤال الاستنكار.
حتى الصوفية في رمزياتهم صب عليهم جل الانتقادات حينما تحدثوا عن الكأس والخمر ، وكثير ما قدمت لهم الأعذار ، لأن ما يقصدونه هو تعابير رمزية عن حالة الوجد والوله والسكر بخمر الحب الإلهي ، لكن حتى هذه لا يمكن التصريح ولا التلميح بها ولا الترويج لها أمام العوام وإلا فإن كل من هب ودب وأراد أن يتمذهب ويشرعن لها ، يقول أنا سكرت بخمر الحب الإلهي.
بل ليس مبررا ما قدمه الغزالي التماس العذر لهؤلاء ، يقول: فكان ما كان مما لست أذكره ، فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.
أي خيرا أظنه وأي خير انتظره من شارب الخمر ، وكيف لي أن أسأل مخمورا فاقد العقل عن الفناء والحلول والإتحاد.
عندما نرى زجاجات الخمر والكئوس يسقيها ساقيها ، والعرايا يراقصهن التيوس ، فماذا ننتظر.
حدث ولا حرج ، أي تبجح هذا وأي تنطع ، المخمور سيظل مخمورا حتى لو أسقطت فوق رأسه جبال الثلوج.
فكيف سنأخد علما من فاقد الوعي والإدراك ، عن أي تجديد يتحدث هؤلاء الذي غرقوا في بحور من الظلمات ، أى فقه ، أي فكر ، أي كتب سنناقشونكم فيها ، هل سنناقشكم مثلا فى كتب عن كيف تشرب الخمور.كيفية الرقص وتراقص العرايا من النساء.
بربي حاولت أن أجد عندكم بعض علم لاناقشكم فيه ، بعض فقه حوار لأحاوركم من خلاله ، فلم أجد اللهم إلا مغالطات و مساجلات وافتراءات ، تارة على القرآن الكريم ، وتارة أخرى على سنة النبي صل الله عليه وسلم ، وتارة على الصحابة والتابعين ، وأخرى على الأئمة والفقهاء الأربعة سبا وشتما وقذفا.
أنا أؤمن بحرية الفكر والتفكير لكن لدينا ضوابط ، فالحرية مسؤولية ، فلا ينبغي بحال من الأحوال الخوض مع الخائضين من أجل ماذا نخوض ، دنيا نصيبها ، جاه ومال وسلطان ، امرأة تتمايل وتتراقص أمامنا ، أليس هذا طريق لسقر ، ألم يمر عليكم وأنتم تتفحصون كتاب الله بأعجميتكم المقيتة قوله تعالى عن المجرمين، أيها المجرمون.
(ما سلككم فى سقر ، قالوا لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض من الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين ، حتى أتانا اليقين)، شارب الخمر لا يصلى هذه واحدة إلا إذا انتهى ، وشارب الخمر يخوض مع الخائضين ، وهذه الثانية ،لماذا لأنه لا يعي ما يفعل يسير كالقطعان خلف راعيها ، وشارب الخير مكذب بيوم الدين وهذه الثالثة فهو منكر للبعث ، منكر للحساب ، منكر للجنة والنار ورأينا هؤلاء وأمثالهم على شاشات التلفاز.
النتيجة المنطقية التي يرتضيها العقل.
فما تنفعهم شفاعة الشافعين ، أي شفاعة ستصلح مع هؤلاء ، إذا فارقوا الدنيا على حالتهم ، ورب سائل يسأل فيقول وربك الغفور ذو الرحمة ، نعم غفور وغفرانه مستمر لكن متى بعد الإقلاع عن الذنب والتوبة النصوح ، والشاهد ، نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ، وأن عذابي هو العذاب الأليم.
فهؤلاء خاضوا وكذبوا وتطاولوا وحتى الشفاعة انكروها.
أرادوا حرية فكر فوقعوا فى أسر الفكر المتطرف الضآل المضل.
أرادوا تنويرا للعقول لكنها فسدت عقولهم ويحاولون إفساد العقول.
أرادوا تمكينا ولكن هيهات هيهات لما توعدون فبئس التمكين.
أنصحكم إن كنتم تحبون الناصحين واشك في ذلك ، أغلقوا حاناتكم ، استروا عوراتكم ، داروا سوءاتكم ، ذاكروا جيدا ، تعلموا القراءة والكتابة ونطق الحروف الصحيح.
بعدها اطلبوا التمكين.
وسيعلم الذين ظلموا أي متقلب ينقلبون.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.