كُتّاب وآراء

الدكتور كريم نفادي يكتب .. التعليق عند الإمام البخاري في صحيحه

كريم نفادي
د.كريم نفادي

الحديث المعلق هو: ما حذف من مبدأ إسناده راو أو راويان أو ثلاثة أو جميع الإسناد.

وقد علق البخاري جملة من الأحاديث في كتابه الصحيح، وقد وصلها الحافظ ابن حجر، وقد تكلم الحافظ نفسه عن تعاليق البخاري في نكته على مقدمة الإمام ابن الصلاح، مبينًا سببها بقوله: “أقسام التعليق عند البخاري، منها ما يوجد في موضع آخر من كتابه، ومنها ما لا يوجد إلا معلقًا، فأما الاول: فالسبب في تعليقه: أن البخاري من عادته في صحيحه أن لا يكرر شيئًا إلا لفائدة، … فاذا ضاق مخرج الحديث ولم يكن له إلا إسناد واحد واشتمل على أحكام واحتاج إلى تكريرها فإنه والحالة هذه إما أن يختصر المتن أو يختصر الإسناد، هذا أحد الأسباب في تعليقه الحديث الذي وصله في موضع آخر.

وأما الثاني: وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقًا فهو على صورتين: إما بصيغة الجزم وإما بصيغة التمريض، أما الأول: فهو صحيح إلى من علقه عنه، وبقي النظر فيما أبرز من رجاله، فبعضه يلتحق بشرطه، … وبعضه يتقاعد عن شرطه وان صححه غيره أو حسنه وبعضه يكون ضعيفًا من جهة الانقطاع خاصة.

أما الثاني: وهو المعلق بصيغة التمريض مما لم يورده في موضع آخر فلا يوجد فيه ما يلتحق بشرطه إلا مواضع يسيرة، وقد أوردها بهذه الصيغة لكونه ذكرها بالمعنى، وفيه ما هو صحيح، وإن تقاعد عن شرطه إما لكونه لم يخرج لرجاله أو لوجود علة فيه عنده”.

أما ما ذكره البخاري عن شيوخه، فقد بينه العراقي بقوله: “أما ما عزاه البخاري الى بعض شيوخه بصيغة الجزم كقوله: قال فلان وزاد فلان ونحو ذلك فليس حكمه حكم التعليق عن شيوخ شيوخه ومن فوقهم بل حكمه حكم الإسناد المعنعن، وحكمه الاتصال، بشرط ثبوت اللقاء والسلامة من التدليس، واللقاء في شيوخه معروف، والبخاري سالم من التدليس فإن حكمه الاتصال”، أما التعليق عند الإمام مسلم: فقليل جدًّا جعله الحافظ ابن حجر اثني عشر حديثًا فقط.

أما معلقات البخاري بصيغة الجزم فتعد صحيحة إلى من علق إليه، وهذا ما استقر عليه الأمر عند جمهور العلماء.

وقد خالف ذلك بعض العلماء – منهم: ابن حزم – فلم يجعلوا لمعلقات الصحيح مزية على غيرها، سواء أكان بصيغة الجزم أم بصيغة التمريض، وإنما جعلوا لها حكم غيرها من المنقطعات.

ولعل أبرز مثال يوضح ذلك: حديث هشام بن عمار في المعازف، فقد أخرجه البخاري في الصحيح على صورة المعلق، مع أنه ليس معلقًا في الواقع؛ لأن هشام بن عمار هو شيخ البخاري، فظنه ابن حزم معلقًا، وحكم عليه بالانقطاع ولم يحتج به!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى