كُتّاب وآراء

د. بهاء درويش يكتب.. شذرتان فكريتان من وحي الواقع

 

ا.د. بهاء درويش

الشذرة الأول

“معضلة المفكر العربي كما أراها”

من المعروف أن المفكر الصادق مع النفس مفكر يحيا هموم وطنه ودينه( ان كان للدين مكان لديه) يدرسها بعمق ثم يحللها ويطرح الحلول ويدخل في نزاعات واختلافات مع الغير قناعة منه ان رأيه هو الصواب وأنه من الضروري أن ينشره. إلى هذا الحد فهو مفكر مثالي مخلص يؤدي دوره بشكل صحيح ومثالي.

يختلف المفكر العربي اختلافا بسيطا مع هذا الدور المثالي للمفكر، أو أن أغلبهم لا يظهرون على هذا النحو ، دون أن يعنى هذا الاختلاف اختلافا أيضا في درجة الصدق . مشكلات المجتمع العربي كثيرة ومهام المفكر متعددة، من هنا فما يكاد يشغل نفسه بقضية ما ويكرس نفسه لدراستها بعمق وإيجاد حل لها، حتى تظهر قضية اخرى لا يستطيع أن يتجاهلها دون أن يبدي رأيه فيها. ولكنه مفكر مخلص يريد أن يخضع المسائل لدراسة عميقة حتى يخرج برأي أو حل يحترم به اسمه ويخدم به مجتمعه، ولكن ما إن يبدأ في دراسة هذا الموضوع الثاني حتى يظهر ثالث ورابع وهكذا. ولا ينتبه الا والعمر يجري والزمن يتسارع في الحركة، بحيث إذا احببت ان تجد صفة تميز مفكرا عربيا، تأتي نتاجا وتتويجه لفكره ومجمل إنتاجه في مجال او جزئية معينة، لا تجد صفة أو محورا يتميز به اغلب المفكرين العرب.

هل يكمن العيب في حرص أغلب المفكرين على الخوض في أمور مجتمعاتهم كلها؟ أم في قلة عدد المفكرين المخلصين مما يضطر البعض لمحاولة الخوض فى معظم الأمور انطلاقاً من احساسهم بدورهم كمفكرين  وإحساس بتقصير لترك قضية من القضايا دون دراسة، أم في طريقه تأسيسهم لأنفسهم أو تأسيس الغير لهم؟ أم في عدم تعود المفكرين العرب على العمل في فريق وهو ما إذا حدث يؤدي إلى اختصار الوقت وإنتاج اكثر؟

هذا أمر في حاجة لدراسة أتمنى أن نجد لها الوقت.

أما أشباه المفكرين الذين يقفزون على كل المنصات ويبحثون عن الظهور في كل الشاشات وقنوات الاعلام فليسوا مجال الحديث ولا يجب أن يكونوا.

—————

الشذرة الثانية

“صعوبة الالتزام الاخلاقي “

تظهر ضرورة الإختيارات الاخلاقية عندما تجد نفسك أمام موقف عليك أن تختار أحد خيارين، كليهما فيه شيء من الضرر. هنا عليك أن تنسب كل اختيار للمبدأ الاخلاقي الذي يبرره، ثم تختار أيهما يمكنك أن تتنازل عنه لصالح الآخر.

منذ أيام توفي مسؤول كبير لإحدى الدول التي تختلف ايديولوجيا مع سياسة الدولة التي ينتسب اليها صاحبنا. وقف صاحبنا أمام حيرة أن يرسل خطابات عزاء لاصدقائه من هذه الدولة ام لا. قد يسبب إرساله خطابات التعازي حرجا لدولته- كونه شخصية عامة- ولكن من ناحية أخرى فالواجب الإنساني يحتم عليه أن يفعل ذلك وان يضع الخلاف السياسي جانباً. لم يكد يختار الخيار الثاني حتى تذكّر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حينما وقف تحية لجنازة مارة من أمامه. قال له اصحابه: إنها جنازة يهودي، رد قائلا: أليست نفساً؟ عليك افضل الصلاة والسلام أستاذ الأخلاقيات الأعظم سيدي يا رسول الله.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى