صبري حافظ يكتب .. الثعلب نتنياهو
لا يساورنى شك فى التعاطى مع توجه البعض بأن بنيامين نتتياهو وراء فكرة وتوقيت الترويج حول مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية ومعه عدد من العسكريين والسياسيين.
والاتصال بأمريكا وإنجلترا وفرنسا وغيرها، لمنع إصدار مذكرة الاعتقال رغم أنه على يقين بأنه فى أمان مع وقوف حليفته أمريكا خاصة أن إسرائيل ليست عضوا فى الجنائية الدولية، وما يخشاه قادة تل أبيب، سمعة إسرائيل أمام العالم وعزلتها، وكدولة ديمقراطية وحيدة فى الشرق الأوسط حسب ما تتغنى به.
نتنياهو يهدف من الترويج بـ اعتقاله فك الحصار المفروض عليه من الثنائى المتطرف سموتريتش وإيتمار بن غفير، ورغبته فى الوصول لحل مع حماس بإطلاق المحتجزين ليزيد من حظوظه فى عدم حل الحكومة، خاصة أن هتافات المتظاهرين باتت فى الساعات الأخيرة موجهة ضد سموتريتش وبن غفير باعتبارهما حجر عثرة فى الوصول لاتفاق، والنظر باهتمام للمبادرة المصرية، وهو يملك أوراقًا رابحة يستطيع أن يلعب بها، كاستعادة المحتجزين ونجاحه فى تدمير معظم قوة حماس رغم غياب الشرط الرئيسى وهو القضاء على حماس نهائيا، وقد يحاول إشعال الجبهة الشمالية وإجبار حزب الله على التراجع عدة كيلو مترات عن الحدود الحالية وهدنة طويلة وإعادة المستوطنين لسكناهم وهو ما يُعد انتصارا له مع تدخل فرنسا بقوتها فى الضغط على الحكومة اللبنانية للقبول بوضع جديد يمنح نتنياهو البقاء بالسلطة حتى موعد الانتخابات المقبلة على الأقل.
وهو يجيد الإفلات من حصار السذج واحتواء المناوئين وكبار التطرف على مدار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، واستغل سموتريتش وبن غفير فى بداية حربه مع حماس لإطالة أمدها والإيحاء بتعرضه لضغوط منهما لعلمه بأن الوصول لاتفاق سريع مع حماس – وقتها- دون تحقيق بعض الأهداف سوف يطيح به والوقوف خلف القضبان.
صاحب الـ 75 عاما -والذى يظهر فى العقد الخمسيني- يملك مواهب متعددة فى المراوغة والإفلات، ويكفيه القدرة على التعامل اليومى مع «أم الشطط والتطرف» دون اصطياده، والقدرة على قلب الطاولة والهروب نحو مخبئه الآمن واستعادة مكانته السياسية من جديد، يساعده التلون والإيحاء، فهو يملك قدرة غريبة ومهارة فى توصيل أفكاره حتى ولو مغلوطة أو مغلفة بافتراءات، وإجادة الخطابة والاسترسال.
ويدعم مواقفه بقصص وفيديوهات وصور، ولو كان ما يقدمه كذب ودعايات، إلا أنه لا يتراجع لإيهام المتلقى من أنصاره أو أعدائه بصحة موقفه، وهو ما يبرر نجاحه بالانتخابات واستعادة رئاسة الوزراء خمس مرات!
ولا يَخفى على المقربين منه أو المختلفين معه كـ«لابيد وباراك وأولمرت» امتلاكه وسائل اقناع مرتديًا ثوب الثقة، ويصفها أنصاره بمواهب وسر نجاحه السياسى فى البقاء بسدة الحكم فهو «الثعلب» المتصدر قائمة أطول من جلسوا على كرسى رئاسة الوزراء.
الثعلب المخضرم، رغم سقطاته وغفواته وآخرها نكسة 7 أكتوبر الخالدة إلّا أنّه واحد من السياسيين النُدّر فى العالم القادرين على لملمة الأشلاء سريعا والوقوف بقوة، ولم تنل الضغوط المتسارعة من صحته ولا يعرف الزهايمر طريقا لعقله!! فهو يجيد الأزمات لاستعادة صحته عكس البشر، ويعشق تلطيخ يده بالدماء دومًا للبقاء فى الحكم طويلا..!
اقرأ أيضا