الداعية أحمد طه يكتب .. الأكل البايت
كانت دولة الصومال جِد غنية.. بها مزارع ونعم وغنم وبقر كثير حتى إنّ الرجل إذا استيقظ من النوم يريد الأكل، كان يذبح كبشًا فيأخذ منه الكبد فيفطر عليه ثم يرمي باقي الكبش في الزبالة، فزالت النعمة عنهم وتوالت النقمة حتى أصبحوا لايجدون شيئا يأكلوه.
كاتب سوري يقول:
لما بلغ الترف بأهل العراق أنه كل ما ينزل على المائدة … يرفع ما بقي منه إلى ” الزِبالة”
حتى اندثر عندهم مصطلح ( اﻷكل البايت )
فابتلاهم الله بالحصار ثلاث عشر سنين حتى صاروا يأكلون الخبز أسود يابس!!
ومات لهم مليونا طفل من الفقر والمرض…
ولما صرت أرى في بلدتي دمشق وضواحيها الخبز في الحاويات بكثرة ،ورأيت إمرأة فقيرة سقط منها رغيف خبز فتركته على اﻷرض ومضت..
ورأيت آخر يبعد ما سقط منه على الأرض بطرف قدمه ..بل إنني رأيت بعيني رجلا يمسح حذائه بقطع من الخبز الأبيض ويلمعها به مع شديد الأسف،ووصل الهدر إلى مستويات مخيفة جدا في بلدي، أيقنت بعدها أننا مقبلون على أيام سوداء سنشتهي بها هذه الخبزات التي كنت أراها في الحاويات..
يقول الكاتب : رحم الله والدي العالم الجليل :
كان يأكل طعام اﻷمس البائت قبل طعام اليوم (الطازج) وكان يبلل الخبز اليابس بالماء ويأكل به وﻻ يرميه
وكان أول من يشبع ،وآخر من يقوم عن المائدة : فقد كان يُلملم الفتات من أرز وفتات الخبز وغيرها ، ويغضب أشد الغضب إن رُمِيَ شيء من الطعام.
كان يحافظ على النعمة بقليلها وكثيرها ويحرص عليها فحفظته في حياته :توفي رحمه الله وهو لا يشكو من أي مرضﻻ ضغط ، وﻻ سكري ، ولا شرايين ، وﻻ روماتيزم ، وﻻ قلب ، وﻻ أي مرض مما يشكو منه أي إنسان جاوز الخمسين أو الستين ، فضلاً عن السبعين..
كان يكثر من ترداد حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” أحسنوا جوار نعم الله … لا تنفروها ،فإذا ذهبت عن قوم لا تعود إليهم ”
فأحسنوا جوار نعم الله : ” لئن شكرتم لأزيدنكم ”
كما قال صلى الله عليه وسلم : “اخشوشنوا .. فإن النعم لاتدوم”
إنتبهوا لأنفسكم ؛ وكرّموا نِعَمَ ربي ولاتهينوها ، يهينكم ويحل غضبه عليكم…
هنيئا لمن قرأها وفهمها ..” وأحسنوا إن الله يحب المحسنين»