عمرو خالد: اجعل حياتك مليئة بالذكريات الجميلة .. الدنيا تاريخك وشهادة الخبرة لدخول الجنة – فيديو
أكد الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، أنه يتعين على كل مسلم أن يعيش حياته بإحسان، وأن يُحسن في سائر أموره قدر استطاعته قبل أن يرحل.
وأضاف خالد، في الحلقة 23 من برنامجه الرمضاني “الفهم عن الله – الجزء الثاني”: “حين تقوم بأداء الصلاة أدّها بإحسان، بر بوالديك بإحسان، عش مع أولادك وزوجتك بإحسان.
الدنيا تاريخك وشهادة خبرتك لدخول الجنة
وأوضح أن البعض قد يقول إن الناس لا يستحقون المعاملة بإحسان لسوء أخلاقهم؛ “لكن حتى وإن كانوا لا يستحقون الإحسان فأنت تستحقه.
ونصح كل شخص بإخراج أجمل ما بداخله طوال حياته، “لأنك ستظل متذكرًا له يوم القيامة وفي الجنة، وعليك أن تعلم أنك في الجنة ستتذكر الدنيا بكافة تفاصيلها لأنها ستكون تاريخك الذي تسبب في دخولك الجنة، وهذه الذاكرة بمثابة شهادة الخبرة التي نجحت بها في دخول الجنة”.
وأورد خالد قصة ذكرت في سورة الصافات تحكي عن اثنين من الأصدقاء، أحدهما دخل الجنة ثم سأل عن صديقه فوجده في النار، فحمد الله أنه دخل الجنة ونجاه الله من مصير صاحبه.
يقول القرآن حكاية عنه: “فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ* أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ* قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ* فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ* قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ* وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ* أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ* إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ* إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ”.
رب العزة .. والعبد .. والشجرة..
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدًا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: أي رب! أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم! لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب! ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب! أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب! أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب! هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب! أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم! ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب! أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر. وفي رواية: قدير. أخرجه مسلم وغيره”.
الإحسان.. ألبوم ذكرياتك في الجنة
وقال خالد: “علينا أن نخرج أفضل ما عندنا في هذه الدنيا، وأن نكثر من فعل الذكريات الجميلة حتى نفرح بها في الآخرة؛ فإحسانك في الدنيا هو ألبوم ذكرياتك في الجنة، ولذا أحسن للناس وللأهل وللأولاد وللزوجة وللحيوان، وأحسن صلاتك، وأحسن عملك، اجعل حياتك مليئة بالذكريات الحسنة.
وتحدث خالد عن الكتاب الذي يسجل كل أمور العبد حتى يطلع عليها يوم الحساب، وهو ما ذكره القرآن الكريم حين قال الله: “وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا”، قائلاً: “عندما يدخل العبد الجنة، فإن الذنوب فقط هي التي ينساها ويتذكر كل أمر جميل وبه إحسان”.
وأكمل ذكر القرآن عن أهل الجنة بقوله تعالى: “وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ* فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ”، معلقًا: “فأهل الجنة يقولون إنهم كانوا يحزنون ويشفقون على أهلهم من الذنوب والصحبة السيئة، والله أكرمهم بأن أدخلهم الجنة ووقاهم عذاب النار، ثم جزاهم الله بمزيد فضله بأن ألحق بهم ذريتهم في الجنة، قال تعالى: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ”.
وكشف الدكتور خالد عن أن تاريخ الدنيا سيظل معك في الجنة لنفرح به كجزء من الخبرة الخاصة بنا والذكريات الجميلة لنا فننسى الذنوب والمواقف السيئة ونحتفظ بالمواقف الجميلة والطاعات والعبادات فنفرح بها في الجنة، ومن هذه العبادات محبة الأصدقاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من آخي يأخًا في الله رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها شيئًا من عمله”.
وذكر أن هناك نموذجًا للشباب المشاركين في البرنامج “سفراء الإحسان” يحبون بعضهم البعض، وسيكون بينهم أصحاب الدرجات يرفعون البعض الآخر.
البواطن والأفكار السلبية
ورد خالد على سؤال لأحد الشباب إنْ كان الإنسان يُحاسب على البواطن والأفكار السلبية والإيجابية، قائلاً: “الخواطر الإيجابية والنوايا الحسنة نثاب عليها حتى وإن لم نفعلها، لكن الخواطر السلبية والسيئة لا نحاسب عليها”.
وأشار إلى أنه في بداية الإسلام كان هناك حساب على النوايا، حسنة أو سيئة، “إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ”، ثم نسخ الحكم الإلهي بقوله تعالى: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ”، فالحساب يكون فقط على فعل الشر أما نية فعل الشر فلا عقوبة عليها على عكس نية الخير نثاب عليها.
وردًا على سؤال يقول: الناس نوعان، أحدهما يرى أن جميع الناس جيدون حتى يثبت العكس من الأشخاص، والنوع الثاني يرى أن الجميع سيء حتى يرى العكس بأن الشخص جيد فيتعامل معه بإحسان، فإلي أي الرأيين تميل؟ قال خالد: “الموضوع يحتاج إلى موازنة، أن تكون واعيًا فتعامل الجميع بإحسان ولكن لا يستطيع أحد أن يخدعك ويعاملك بسوء”.
يقول عمر ابن الخطاب: “لست بخب ولا يخدعني خب”، والخب يعني خبيث، فهو يتعامل بإحسان مع الجميع لكنه واعٍ فلا يستطيع الإنسان الشرير أن يخدعه.
قاعدة اليوم:
أنهى خالد حديثه بذكر القاعدة الثالثة والعشرين، قائلاً: “أحسن في كل لحظة في حياتك… فإن ذاكرة الدنيا عميقة جدًا في آخرتك وفي جنتك”.