الدكتور كريم نفادي يكتب.. قيام الليل جنّة الدنيا
خص الله بعض عباده بخير عظيم وعمل كبير، وفتح لهم من أبواب الخير والطاعة ما زكت به قلوبهم وعزّت نفوسهم واستنارت صدورهم وطابت حياتهم وأنسهم ونعيمهم، وبصّرهم بطريق الحق ويسّر لهم أسباب السعادة ومنّ عليهم بلذة العبادة ومناجاة الله في أسحارهم وخلواتهم.
قومٌ إذا جن الظلام عليهم … باتوا هنالك سجّدًا وقياما
خمصُ البطونِ من التعفف ضمرًا … لا يعرفون سوى الحلال طعاما
قال ثابت البناني (رحمه الله): “ما شئ أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام الليل “.
وقال سفيان الثوري (رحمه الله): ” إذا جاء الليل فرحت وإذا جاء النهار حزنت”.
وقال أبو سليمان الداراني (رحمه الله): “لأهل الطاعة بليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا”.
فسبحان من تفضل على عباده بهذا النعيم قبل لقائه فحباهم من الخير والفضل ما فضلهم على كثير ممن خلق تفضيلًا، فحازوا أسباب السعادة واستمسكوا بطريق النجاة، فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
أما عن عدد ركعات قيام الليل، فقد ثبتت السنة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من غير وجه أنه لا يزيد في قيام الليل لا في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
وقد جاء في الصحيحين وغيرهما من طريق مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره أنه سأل عائشة (رضي الله عنها) كيف كانت صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقالت: “ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلى أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثًا… “.
لذا قال ابن عبد البر (رحمه الله): ” وأكثر الآثار على أن صلاته كانت إحدى عشرة ركعة”.
وذكر الإمام ابن عبد البر أيضًا أن إجماع العلماء على جواز التخفف من هذا العدد أو الإكثار عليه، فقال: “وقد أجمع العلماء على أن لاحدّ ولا شيء مقدرًا في صلاة الليل وأنها نافلة فمن شاء أطال فيها القيام وقلت ركعاته ومن شاء أكثر الركوع والسجود”.