رانيا عاطف تكتب .. حقًا إنها أيامٌ معدودات
أوشكت أيام شهر رمضان المبارك هذا العام أن تنقضي، وهكذا هو كل عام، حيث يعيش المسلم التقي الورع عامه كله يلتمس الخير وقلبه بين أمرين؛ الأول: تذكره رمضان الماضي وحنينه لأجوائه وروحانياته، والثاني: انتظاره رمضان القادم لما لهذا الشهر الفضيل من مكانة في قلب كل مسلم، ولما فيه من خير للأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء، ويأتي رمضان ونجد أيامه تمر سريعًا سريعًا ومعها يتسابق المسلمون في أعمال الخير ومساندة غير القادرين، كما يتسابقون في فعل كل ما يحقق السعادة لهم ولغيرهم من سلوكيات جميلة اعتدنا أن نراها ونلمس آثارها في رمضان، نجد أنفسنا أمام مجتمع ينعم بالمحبة والتسامح والتراحم بين أبنائه، مجتمع يحرص أبناؤه على التخلي عن كل سلوك دني لا يتوافق مع طابع هذا الشهر الفضيل، يرجون بذلك رحمة الله بهم، وعفوه عنهم، وقبوله لأعمالهم وذلك امتثالًا لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا)، -صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم- ، رواه الطبري في “الكبير” عن محمد بن مسلمة برقم (519).
هذا الحديث الذي قُصد به اغتنام الأوقات المباركة والتسابق في فعل الخيرات لنيل رضى الله -سبحانه وتعالى- والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
ولكن أليس الرقيب في رمضان هو نفسه الرقيب في العام كله؟
فلماذا لا يكون سلوك المسلم في العام كله عدم ترك هذا الخير، وفقًا لما تقتضيه الآية الكريمة: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) -صدق الله العظيم- سورة البقرة، الآية: 110؟
ألسنا بحاجة إلى نشر الخير ومساندة الغير في جميع الأوقات؟
بالتأكيد لا مانع من التماس الأوقات المباركة، والتسابق في الخيرات فيها والاجتهاد في فعل كل سلوك أخلاقي، ولكن المطلوب في الآن نفسه عدم ترك هذا الخبر بعد انتهاء شهر رمضان، فليكن رمضان بالنسبة لنا نقطة تحول لما هو أفضل، وليكن سلوكنا بعده أفضل مما كان قبله، وأفضل مما يكون فيه، لأننا بحاجة لنشر الخير بعده والاجتهاد في الطاعات أكثر وأكثر، نفوسنا في رمضان تكون مهيأة لفعل الخير وطاعة الله -عز وجل- ولكننا نحتاج بعده لمجاهدة كبيرة للنفس لفعل الخيرات والطاعات التي كنا نقوم بها في رمضان بكل سهولة، لذلك ليس المطلوب من المسلم الاجتهاد فقط في رمضان وحده وإنما المطلوب منه أن يتخذ رمضان بداية لإصلاح ذاته وثباته على ما فطرت عليه نفسه من فضائل، وليكن فعل الخير وحب الغير أسلوب حياة لننعم برضى الله ولنحقق الخير للبشرية.