ليلة القدر .. بين صدق اللحظات وكفاح السنين .. و سر النجاح الاستمرارية و استغلال الدقائق الحاسمة – فيديو
كشف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي عن كيفية إدراك ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، التي يقول النبي صلى الله عليه وسلم: تحروها في الليالي الوترية.
وأكد خالد في الحلقة الثانية والعشرين من برنامجه الرمضاني “الفهم عن الله – الجزء الثاني”، إن الله تعالى يعطي في هذه الليلة خيرًا مما يعطي في ألف شهر، من العطايا، من الجنة، من الرحمة، والرضا، ويغرس فى القلب تقوى، وحبًا، ويفتح رزقًا.
وأضاف: في ليلة القدر يتجلى الله عليك بأربع معان: (عفوه، ورضاه، وحبه، ووده)، عفوه لأنها ليلة عفو، ورضاه، لأنه لو عفا رضى، وحبّ، لأنه لو لم يُحبك ما جعلك تعبده في هذه الليلة، ووده لك، يضع في قلبك من حبه ما لم تتذوقه طوال عمرك.
وقال : في ليلة القدر تجميع خير ألف شهر في ليلة واحدة، تصل فيها إلى قمة الإحسان ،أن تعبد الله كأنك تراه، لأن كل العطايا لو كانت في هذه الليلة هدفها أن يعلى الإحساس لتصل للإحسان.
صدق الاحساس نتاج عمل سنوات ولحظات حاسمة
وشدد الدكتور خالد على أن صدق اللحظات ثمنه غال عند الله، فالدنيا إما سنوات طويلة من العمل والديمومة والإستمرارية، أو لحظات حاسمة غير عادية، والنبي صلى الله عليه وسلم جمع الاثنين؟ فتح مفاجىء وفتح طويل الأجل، يقول: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل”، وهذا هو معنى الديمومة، وفي حديث آخر يقول: “ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات “فرص” ألا فاغتنموها وتعرضوا لها”، لحظات سارع لاغتنامها، بحاجة إلى اليقظة والتركيز والإحساس العالي”.
وأبان خالد عن كيفية الجمع بين المعنيين، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله”، لافتًا إلى أن هناك “أربع مقاعد محجوزة للأعمال الدائمة، وثلاث للحظات الحاسمة”.
وحدد هؤلاء السبعة على النحو التالي:
“إمام عادل”، أعمال دائمة.
“شاب نشأ فى طاعة الله”، أعمال دائمة.
“رجل قلبه معلق بالمساجد”، أعمال دائمة.
“رجلان تحابا في الله”، أعمال دائمة.
“رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله”، لحظة حاسمة.
“رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه”، لحظة حاسمة.
“رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه”، لحظة حاسمة.
وأدرج خالد ليلة القدر في النوعية الثانية: اللحظات الحاسمة، داعيًا إلى العمل على اغتنامها، مشددًا على ضرورة الجمع بين الأعمال الدائمة واللحظات الحاسمة، إذ لابد أن يجمع الإنسان بين الاثنين، بين التعب والجد والاستمرار في العمل الدائم، واقتناص اللحظات الحاسمة، فقد تأتي لحظة قد تغير حياتك.
وضرب مثلاً بسيدنا يوسف – عليه السلام – فقد كان من المداومين على إحسان العمل، كلما يراه أحد يقول له: “إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”، في السجن قالوا له: “إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”، إخوته الذين رموه في البئر صغيرًا، قالوا له من غيرأن يعرفوه: “إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”.
وأشار إلى أنه عندما جاءت اللحظة الحاسمة في رؤية الملك، كان مستعدًا لها، لأنه عندما كان في بيت العزيز لم يقل: أنا عبد، أنا انتهت حياتي، بل تعلم من العزيز أصول الاقتصاد فلما حانت اللحظة الحاسمة” قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ”.
لذا، قال خالد: “إذا واظبت على الاستمرارية، وركزت في اللحظات الحاسمة، ستنجح في الحياة بالجمع بين الاثنين، داعيًا إلى التركيز بشدة على العشر الأواخر من خلال استدعاء كل تركيزك وطاقتك لتحقق صدق اللحظات.
ولاحظ خالد، أنه في القرآن كلما كان الهدف أسمى كانت الحركة أسرع “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”، ولما كانت الصلاة قال اسعوا : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”.
وأوضح خالد أنه عندما كان الهدف الجنة: “وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”. قال وسارعوا إلى الجنة، وعندما يكون الهدف هو الله قال: “فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ”.
وبين أن “الإحسان أن تعبدالله كأنك تراه.. ليس رؤية عين.. وإنما رؤية قلب”، داعيًا إلى اتخاذ “كأنك تراه” شعارًا في كل ليلة باقية من رمضان، عندها تستحق رؤية الله يوم القيامة،لأن الجزاء من صنف العمل “لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ”، والمعنى النظر إلى وجه الله الكريم.
قمة الحب والسعادة
واعتبر أن “قمة السعادة والحب.. أن تنظر إلى من خلقك.. إلى من صنعك.. ورزقك وسترك، وأوجدك.. “وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ”، من كثرة نظرها إليه نزل عليها جمال أضعاف أضعاف أضعاف خلقتها الأصلية”.
صدق اللحظات تعويضا عن كفاح السنين
وختم خالد بذكر القاعدة الثانية والعشرين، قائلاً: “من عجيب حب الله لعباده أن جعل صدق اللحظات تعويضًا ربانيًا عن كفاح السنين… فيعطيك في ليلة ما لا يعطيك في ألف شهر… فاسعَ في الحياة واغتنم اللحظات الحاسمة”.