صبري حافظ يكتب .. منه لله اللي كان السبب
كان الله فى عون حسام حسن مدرب منتخب مصر الذى تولى المسئولية الكبيرة لمنتخب ينتمى له ما يقرب من 110 ملايين نسمة فى أعقاب الخسارة المذلة بأربعة أهداف مقابل هدفين أمام كرواتيا ثالث العالم، فقد ورث تركة مثقلة بالأخطاء والعيوب الفنية والإدارية لاتحاد لعبة احترف التخبط وعدم الخبرة، وأخطاؤه متكررة ومسابقة مترهلة وتأجيلاتها بالجملة، وبطولات ناشئين ارتجالية!
مباراة كرواتيا قد تكون نقطة انطلاق لحسام حسن لو وضع يده على الأخطاء وشخص المرض وكتب روشتة العلاج المناسب، وقد تكون سببا فى انهياره، فهو ليس مسئولا عن أخطاء الآخرين لكنه سيكون مسئولا لو لم يتأهل لكأس العالم 2026 بأمريكا وكندا والمكسيك، لأن الطريق سهل جدا فى مواجهة منتخبات ضمن المجموعة أقواها بوركينا فاسو.
صحيح منتخب كرواتيا ثالث العالم ومصنف عالميا وفوارق كبيرة تفرقنا وتبعدنا عن محيطها، لكن الأخطاء متكررة فى بديهيات اللعبة، من غياب التمركز والتسليم والتسلم وبدء الهجمة والسرعة، والكثافة العددية فى الثلث الأخير من الملعب وكيفية التحرك الإيجابى دون كرة لخلق المساحات ومساعدة الزميل فى التمرير له والضغط على الخصم.
البرتغالى كيروش كان يصرخ عندما بدأ مهمته التدريبية مع المنتخب وردد كثيرًا اللاعب المصرى مش عارف «يوقف» كويس داخل الملعب وهو ما ظهر خلال مباراة كرواتيا غياب التمركز والسرحان عند أى ضغط عليه، ولاعبون فى الوسط غير قادرين على التحول.
نجح كيروش فى تصحيح الكثير من السلبيات فى طبيعة اللاعب المصرى، ووصل لنهائى أفريقيا وكان على مسافة خطوة من كأس القارة والتأهل للمونديال لولا ركلات الترجيح، وبدلا من مكافأته تم ترحيله، بسبب اتحاد الكرة الحالى.. الله يسامحهم!
مباراة كرواتيا -حتى لو بطولة ودية- فهى عنوان كبير للفارق بين منتخب عالمى وآخر محلى ليس بسبب النتيجة الكبيرة وإنما لفوارق كبيرة لا يكفى معها روح وثابة وحماس منقطع النظير، فكل ذلك ينهار مع التخطيط والعلم والجاهزية وفارق السلاح الأداة الفاعلة فى الحرب أمام منافس حتى لو كانت لعبة رياضية مثل كرة القدم!
مباراة كرواتيا عنوان لمجموعة لاعبين تعرف ماذا تريد وتفعل حين تريد، وأخرى فريق معظم لاعبيه «محليين» يمثلون فريقا يحتكر بطولات مصر بسبب الفجوة بينه والفرق الأخرى التى تلهث لعدم الهبوط والحفاظ على البقاء فى دورى الشهرة..!!
مباراة كرواتيا عنوان فارق بين التخطيط والعشوائية، الفهلوة والجدية، النظام واللانظام، الحيادية وعدم العدالة.
مواجهة كرواتيا كشفت عن سؤال مهم، هل نريد مجرد المنافسة على كأس أفريقيا والتأهل لكأس العالم أم أن نكون وسط الكبار المصنفين عالميا، هل بلد عدد سكانه بهذا الكم لا يملك مواهب يغزو بها أفريقيا ويهدد منتخبات العالم الكبرى!
الإجابة عن هذا السؤال تتوقف على رؤية المسئولين بقيادة الدكتور أشرف صبحى، إجابة تتطلب تغييرًا جذريًا فى نظام الكرة المصرية من إدارة ولوائح وقوانين تدير اللعبة ومسابقة قوية وبطولات ناشئين منضبطة ورعاية للنشء وخطة حقيقية للنهوض بكرة القدم وتشجيع الاحتراف الخارجى مع منتخبات قوية، وإلا سنظل فى مكاننا نفرح قليلا ونبكى كثيرا.. حتى فرحتنا ستكون ناقصة لأنها انتصار على الصغار فقط..!