عادل القليعي يكتب .. روحانيات .. يا عباد فاتقون
لعل سببًا رئيسيًا جعلني أكتب عن هذا الموضوع ، ألا وهو البعد عن الله تعالى وعدم خشيته وجعله سبحانه وتعالى أهون الناظرين إليه ، ليس هذا وحسب بل وكثرة الظلم والفساد الذي نراه بأعيننا ولا يحرك لنا ساكنًا اللهم إلا مصمصة الشفاه ، إلّا من رحم ربي ، نرى ونسمع مجازر الصهيونية النازية ولا نستطيع حتى التعبير ولو بكلمة عما يجيش بخلدنا تجاه أشقاءنا.
ألا لعنة الله على الظالمين.
لذا آثرت أن أكتب عن تقوى الله وفوائد هذه التقوى لعل ساكنا يتحرك بداخلنا.
يقول جل وعلا في سورة الطلاق.
ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
ويرزقه من حيث لا يحتسب
ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا.
ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا.
وسئل الإمام علي كرم الله وجهه عن التقوى ، فأجاب ، التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق
يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد.
يوم الذهاب إلى هناك حيث لا بعد هناك هناك.
حيث جنة عرضها السماوات والأرض ، أو نار ذات لهب ، لا تبقي ولا تذر.
لماذا هذا المقال الآن ، أقول ولماذا لا يكون الآن وكل آن.
بعد عن الله ، مساجد خاوية ، أرحام مقطوعة ، عقوق للوالدين فج ، موبقات، محرمات بحجة المدنية ، شذوذ جنسي ، مثليون ، سحاقيات ، قصات شعر ، ملبوسات ، اختلاط فج ، سفور وفجور ، كل ذلك يرتكب باسم المدنية والمواكبة والمعاصرة ، ومن منا يرفض الحداثة ويرفض العالمية ويرفض المواكبة.
هل المواكبة والمعاصرة حتى تتحقق تجعلنا نتخلى عن قيمنا ، عن مبادئنا ، عن أخلاقنا ، عن ديننا ، بئست المدنية هذه ، وبئس من دعا إليها وروج لها.
السيدات والسادة ، حالتنا التي وصلنا إليها ، وصلنا إليها ليس من فراغ وإنما من بعدنا عن الله تعالى وعدم تقواه وارتكاب كل ما يغضبه وما لا يرضاه، وعدم تقواه وعدم مراقبته في كل أعمالنا وفي كل أفعالنا، لم نتوقف مع أنفسنا لنحاسبها، ماذا قدمت لليوم الآخر ، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، ويحذركم الله نفسه.
وقالها النبي صراحة لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا.
لماذا جعلنا الله أهون الناظرين إلينا ، أين التقوى التي قال عنها المعصوم صلّ الله عليه وسلم ، التقوى ها هنا ها هنا ها هنا وأشار بإصبعه إلى قلبه.
نعم من يتق الله يجعل له مخرجا ، مخرج من كل ضيق ، من كل هم ، من كل حزن ، من كل كرب.
وهمومنا الآن كثيرة ، وضوائقنا كثيرة وكروبنا كبيرة ، فلماذا لا نتق الله.
إذا ما قلت لأحد يا أخي اتقِ الله ، يبادرك بالرد ما أنا اتقي الله ، وتأخذه العزة بالإثم، ومن الممكن يهينك ببذئ القول.
الرسول الكريم ، قال له الله يا أيها النبي اتقي الله.
قال النبي اللهم اجعلني من المتقين وهكذا كان دأب الصحابة والسلف الصالح ، والتابعين.
لكن الآن إلا ما رحم ربي ، التجار يحتكرون السلع التموينية لرفع سعرها والمتاجرة بأرزاق البسطاء ، وإذا نصحته لله يقول وأنا مالي ، كله يفعل ذلك.
ألا تعلم أيها المحتكر للسلع والبضائع أنه نزل فيكم قرآن ، ويل للمطففين ، والويل واد في قعر جهنم ، ماذا ستقول لربك ، ما أغنى عني مالي ، هل ستأخذ مالك معك، لا سيتركك عند عتبة منزلك ولن يدخل القبر معك.
فلابد من التصدي لهؤلاء .
ولخطباء المساجد في الجمعة دور مهم ، لا يمكن تجاهله ، عليه توضيح مفهوم الاحتكار وتحذير الناس من هؤلاء ، وتوضيح العقوبة الشرعية للمحتكر ، ليس خطيب المساجد فقط ، بل كل من يستطيع أن يقول كلمة لله تعالى فليقلها حسبة لله تعالى وحرصا على مصلحة المواطن الذي هو المكون الأصيل للمجتمع حتى لا تنتشر السرقات والنهب والنصب على خلق الله تعالى.
قس على ذلك المعلم الذي يجبر التلاميذ على الدروس الخصوصية ولا يؤدي عمله في فصله كما ينبغي.
أيضا أستاذ الجامعة لا أقول الجميع وإنما البعض ، الذين يبيعون الكتاب الجامعي ثلاث مرات للطلاب ، مرة يأخذ أجره من الجامعة بعد تحصيلها للمصروفات من الطلاب ‘الكتاب الاليكتروني” ، والأخري ملزمة للكتاب تباع في المكتبات في الشوارع بجوار الجامعات ، والمرة الثالثة مراجعات ليلة الامتحان ، أقول لهؤلاء اتقوا الله واتقوا يوم ترجعون فيه إلى الله، وكفاكم ضغط على الفقراء ، فالناس يعلم بها خالقها توفر من قوتها حتى تنفق على أبناءها في الجامعات.
أيضا الطبيب الذي يرفع سعر كشفه ، بمئات الجنيهات ، لماذا يا أخي ، كلنا طبقة واحدة ، كلنا جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تأثرت باقي الأعضاء ، (يعني الفقير يموت) ، الذي ليس معه تهدر كرامته وتهان لأنه لا يمتلك ثمن الكشف ، لا أعمم فهناك أطباء يتقون الله في مرضاهم.
أيضا الموظف في عمله الذي لا يراقب الله تعالى ويمد يده ويقبل الرشوة ، يا أخي إذا لم تخف من الله وتبجحت أمام الله ، خف على أولادك ، وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا.
قس على ذلك موظفين الحملات التفتيشية على المحلات لمراقبة الأسعار ، يعلمون أن هذا التجار محتكر ويذهبون إليه للابلاغ عنه وتحرير محاضر ومجرد أن يفتح الدرج أمامهم يسيل لعابهم على الحرام ، وكأن شيئا لم يكن.
أيضا من فوائد تقوى الله ، أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب ، صدقا وعدلا ، فلا تعلم من أين يأتيك الرزق ، والشاهد على ذلك أصحاب الرواتب الزهيدة القانعون المتقون لله تعالى تسأله كم راتبك في الشهر ، يقول كذا ، تجلس مع نفسك وتقسه على راتبك أو راتب فلان ، فتجده زهيدا ، ويقول كافي والحمدلله ، فحمد الله تعالى باب للرزق من حيث لا نحتسب.
أيضا من فوائد التقوى التيسيرات ، تيسيير الأمور ، فكم من أمور كنا نظنها معقدة لا تحل عقدها ، لكن بتقوى الله وبالخوف والخشية لله تحل وتفك.
هل آتاكم نبأ الثلاثة الذين باتوا في الغار ووقعت صخرة فسدت بابه ، وكادوا أن يهلكلوا ، فقالوا تعالوا ندعو الله بتقوانا إياه وباعمالنا.
أحدهم قال ربي ، كان لي أبوين طاعنين في السن وكنت اطعمهما ، وذات ليلة تأخرت عليهما فناما ، فظللت بجوارهما ممسكا بغبوق اللبن حتى استيقظا فشربا ، إن كنت فعلا ذلك ابتغاء مرضاتك وتقواك ففرج الصخرة فانفرجت قليلا ، والثاني ، قال راودت سيدة عن نفسها لحاجتها إلى المال ولما وقعت عليها قالت اتق الله في ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها خشية منك واعطيتها المال ، والثالث ، استأجر رجلا ذات يوم ولم يعطه أجره لانشغاله عنه ، فتاجر بأجر هذا الرجل ووجده فقال له خذ كل هذه الأموال والأغنام لك ، ففرح الرجل ، فانفرجت الصخرة وخرجوا سالمين معافين.
هذه الفوائد الثلاثة فوائد مادية في الدنيا تتحقق لمن يتق الله وهي
ومن يتق الله يجعل له مخرجا
يرزقه من حيث لا يحتسب.
ييسر له أموره.
أما الرابعة ، ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ، وهي تكفير الذنوب وتعظيم الأجر والادخار للاخرة لتثقيل الموازين ، يوم توضع الموازين القسط ليوم القيامة ، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
فهل عرضنا الأمر على قلوبنا قبل عقولنا ، هل استفتينا قلوبنا، هل فتشناها من أجل إحياء هذه الفضيلة بل رأس الفضائل بداخلنا
السيدات والسادة اتقوا الله ما استطعتم واسمعوا.