سمية عبد المنعم تكتب .. كُلنا في الهم عربيات !
للحظات تملكتنى الحيرة وأنا أجول بناظرى بين أسعار سلع منزلية يعرضها أحد التطبيقات على هاتفى الجوال، ولم ألبث أن ضغطت زر الخروج من التطبيق كاملا وأنا أتساءل فى تأفف كيف لى بسعر شيء مما يعرض؟ ثم زفرت فى ضيق وأنا أغمغم: يبدو أن عيد الأم هذا العام سيمر دون هدية.. عفوًا يا أمي.
قلتها وأنا أهم بغلق الهاتف بأكمله حين وقع بصرى على خبر يستعرضه أحد المواقع الإخبارية عن استشهاد أسيرات فلسطينيات معتقلات.. أخذنى الخبر بكليتى لأطالع تقريرًا يرصد استهداف قوات الاحتلال الصهيونى للنّساء الفلسطينيات فى كافة الجغرافيا الفلسطينية، ولم تستثنّ القاصرات، وقد شمل الأمر اعتقال النساء كرهائن، بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة المستهدفين من الاحتلال لتسليم نفسه.
بينما أعلن الهلال الأحمر الفلسطينى أن إسرائيل تقتل 37 أماً يومياً فى قطاع غزة فيما يتمت الحرب 17 ألف طفل وفقدت كذلك 17 ألف أم معظم أبنائها وأعلنت هيئة شئون الأسرى والمحررين ونادى الأسير الفلسطينى أن (28) أسيرة من الأمهات من بين (67) أسيرة محتجزات فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، ويحرمهنّ الاحتلال من عائلاتهنّ وأبنائهنّ، من بينهنّ أمهات أسرى، وزوجات أسرى، وشقيقات أسرى، وشقيقات شهداء، وأسيرات سابقات.
وشكّلت هذه السّياسة إحدى أبرز الجرائم التى تصاعدت بشكل كبير جداً بعد السّابع من أكتوبر، وشملت زوجات أسرى، وشهداء، وأمهات منهنّ مسنّات تجاوزن السبعين عاماً، مع الإشارة إلى أنّ هذه السّياسة طالت فئات أخرى أيضاً، وليس فقط النّساء، وقد رافقت عمليات احتجازهن كرهائنّ عمليات تنكيل وتهديدات وصلت إلى حد التّهديد بقتل نجلها المستهدف أو زوجها، هذا بخلاف الاعتداءات التى تعرضن لها خلال عملية الاعتقال، إضافة إلى عمليات التّخريب التى طالت منازلهنّ، وترويع أطفالهنّ، وأبنائهنّ، ومصادرة أموالهنّ ومصاغ ذهب.
غير أن إحدى أبرز الجرائم التى نفّذتها قوات الاحتلال الإسرائيليّ بحقّ النّساء الفلسطينيات، ومنهنّ الأسيرات، الاعتداءات الجنسية، والتى تضمنت التّحرش، والتّفتيش العاري، إضافة إلى التّهديد بالاغتصاب، هذا إضافة لإعلان الأمم المتحدة فى بيان رسمى لها عن وجود تقارير موثوقة بتعرض معتقلات من غزة للاغتصاب.
أغلقت عينى بعنف وكأننى أدفن فيهما شعورًا بالخزى والعجز، أهكذا يمر عيد الأم على أمهاتنا فى غزة؟ ونحن….
فتحت عينى وأنا أهم بإخفاء الهاتف بأكمله بين غياهب حقيبة يدى حين لفت نظرى خبر عاجل احتل جزءا ليس يسيرا من شاشة الهاتف يشير إلى ارتفاع أسعار البنزين والسولار!
مادت بى الأرض.. وابتسمت فى مرارة..
هنا وهناك…
هنا حيث الهموم تتكالب على كواهل النساء، متزوجات ومعيلات، مسنات وشابات وعازبات، المرأة هنا عمود الخيمة ورأس الحربة ووتد كل بيت، لا أمر يدبر كبر أم صغر سوى بحكمتها، لا أزمة تحل سوى بتصرف منها، ولا كارثة اقتصادية أو اجتماعية إلا وتحل فوق رأسها.
وهناك حيث تكابد الأم الفلسطينية هولوكست عصابات الإرهاب يوميا ما بين الاستشهاد والاعتقال والنزوح.
نعم، كلنا فى الهم عربيات، جميعنا تسلب من أيدينا الحياة، رغما عنا، لكنه اختلاف الوسيلة والنهاية.. فقط.
سمية عبد المنعم تكتب .. عندما يصبح الصراخ رفاهية!