وضع الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، وصفة إيمانية للحفاظ على الصحة النفسية، التي وصفها بأنها أغلى ما يمتلك الإنسان، محذرًا من خسارتها مهما كانت الظروف.
أكد في الحلقة الثالثة عشر من برنامجه الرمضاني “الفهم عن الله – الجزء الثاني”:
أن الحياة تقلبات، وتفريطك في صحتك النفسية ثمنه كبير، أكبر من ثمن أي خسارة أخرى لأنها أغلى ما تملك، لو الدنيا ضدك اليوم، الأيام ستتقلب وستكون في صالحك.
وقال خالد، أن طريقته في الحفاظ على صحته النفسية تتمثل في التسليم وذكاء التعامل مع النفس، لا أدع أي شيء يفقدني صحتي النفسية.. الحزن لايستمر لأكثر من 24 ساعة.
3 خطوات لطاقة نفسية هائلة
وأشار إلى أن الحفاظ على الصحة النفسية للفرد يستدعي ثلاثة أشياء هي: التسليم لله+ الإحسان+ ذكر.
أولاً: الذكر
وأوضح خالد أن كل الخلايا تموت وتحيا، والإنسان في حالة هدم وبناء يومي، حيث تموت ملايين الخلايا في جسم الإنسان يوميًا، لأن الموت جزء من حياة الإنسان، “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا”.
وبين أن هناك 60 ألف خلية تموت وينمو مثلها يوميًا، لافتًا إلى أن النفس فيها عوامل الهدم والبناء، والذِكر يُقوي معاني البناء لتغلب معاني الهدم. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت”.
وشدد خالد على أهمية الذِكر، فهو الذي يجعل الشخص يتصل بالحي سبحانه الذي لا يموت، فيمده بمعاني الحياة، ويعينه على مواجهة المعاني السلبية للهدم، واصفًا الاتصال اليومي بذكر الله بأنه “الحبل السري لحياتك ولنفسيتك”.
وقال إنّ هناك فرقًا كبيرًا بين قلب حي يذكر الله وقلب ميت. يقول تعالى: “وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُۖ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ”، وقال تعالى “أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا”.
وأكد أهمية الإحساس بشكل خاص أثناء ورد الذكر لمدة 20 دقيقة، حتى يصل بك للإحسان، وأن تسلم لله وقت الشدة عندما يتوقف عقلك تمامًا، فهناك جملة رائعة تقول: “ما لا يُقْضَي بالفِكْر… يُقْضَي بالذِكْر”.
ثانيًا: التسليم
نصح خالد بتفعيل التسليم في حياة كل شخص، حتى يشكل الله له حياته كما يريد هو، وأن يعيش بحول الله وقوته في مواجهة الضغوطات التي تجعلك أكثر نجاحًا.
وعلى عكس ما يرى بعض الناس، أكد خالد أن المال ليست الفرصة الوحيدة للسعادة، “سلِم لله لو قلّ المال معك، لأنك تضعه في مكان أكبر من حجمه وهذا يؤثر بشدة على صحتك النفسية.
مشكلة أحادية النظر:
ورأى أن المشكلة الكبيرة تتجسد في أحادية النظر، وهي أن كل مشاكلك سيحلها المال، وهذا لاينكر أهميته، كما جاء في القرآن “أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا”، لكنها لم تكن أبدًا الحل الوحيد.
وعدد خالد الكثير من الأشياء والنعم التي لايستطيع المال شراءها، على النحو التالي:
المال يشتري السرير لكن لا يشتري النوم
المال يشتري الساعة لكن لا يشتري الزمن
المال يشتري الدواء لكن لا يشتري الشفاء
المال يشتري كتاب الأخلاق لكن لا يشتري الأخلاق
المال يشتري الطعام لكن لا يشتري الشهية
المال يشتري بوليصة التأمين ولكن لا يشتري الأمان
المال يسمح لك بالذهاب للدكتور ولكن لا يشتري الصحة.
سلّم لله لو قل المال.
وبين خالد أن الله سبحانه وتعالى لما تكلم عن يوم القيامة يتكلم بصيغة الماضي ووصف أحداث يوم القيامة بالفعل الماضي مع أنها مستقبل، “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا” “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ”.
وقال :إن كل تلك الأحداث المستقبلية يصفها الله بالفعل الماضي، وذلك لأنه سبحانه متعال فوق الزمان والمكان، وقد أجرى الزمن على مخلوقات ولكنه تنزه سبحانه عن جريان الأزمنة عليه، فكل شيء بالنسبة لعلمه قد حدث.. كله كتب وانتهى.. اهدأ وسلّم”.
4 خطوات تحمى بها صحتك النفسية
وكشف الدكتور خالد عن 4 معان ستساعدك على التسليم لله وتحمي صحتك النفسية، وهي:
= اترك ربنا يشكلك ويشكل حياتك كما يريد هو، لا تستسلم لسلاسل الهموم
= المال ليس فرصتك الوحيدة للسعادة
= الدنيا ساعة.. اصبر ساعة وستمر
ثالثًا: الإحسان
أما ثالث الأشياء فهي: افعل أحسن ما لديك، لأن الله يقول: “إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً”، واحذر أن تفقد صحتك النفسية.
وبين خالد أن هناك آيتين تحملان وعدًا ربانيًا: “إن رحمة الله قريب من المحسنين”، “ما على المحسنين من سبيل”، قائلاً: إن الله وعد المحسنين بالراحة النفسية.
لذا، حث على أن يخرج كل شخص أحسن ما لديه حتى يُوسع الله عليه، معتبرًا أن أقوى طريقة للصلابة النفسية.. الاستمرارية بالإحسان “ولا يلتفت منكم أحد أبدًا”،.. استمر ولا تتوقف، ابذل جهدك واستمر.
ووصف خالد، التسليم+ إحسان بأنه يشكل أقوى خلطة لللصحة النفسية، مستشهدًا على ذلك بقوله تعالى: “ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها”.
قاعدة اليوم:
وختم بذكر القاعدة الثانية عشر، وهي: خذ قرارًا الآن لعمرك كله.. لن أفرط أبدًا في صحتي النفسية بهذه الثلاثية:
1- اذكر ربك يوميًا بكل إحساسك.
2-سلّم ودع الله يشكل حياتك.
3- أخرج أحسن ما عندك في أعمالك.