جمال أبو الفتوح يكتب .. بنك الأحزان
هل يعقل أن تشعر إحداهن بسعادة غامرة، لمجرد حصولها على شهادة معتمدة بأنها غرقت في بحر الأحزان. تخيلوا أنّ هذا ما حدث فعلًا… حتى أنني تسمرت في مكاني مذهولًا غير مصدق… كيف تخرج حمم البهجة فجأة من فوهة بركان التعاسة… وكيف تسعد إنسانة بأن رصيدها في بنك الحزن قد ارتفع بشكل غير مسبوق، فتفاخرت بأنها تفوقت على منافسيها من التعساء.
لقد أسعدها أنها قطعت شوطًا طويلًا من التفاني في الحزن، وراحت تتذكر تفاصيل الفاجعة بابتسامة عريضة تضيء وجهها البشوش، فيزداد إشراقًا، وتناست لوهلة الألم الغادر الذي يعصف بجسدها الضعيف. ولم لا… فقد حصلت للتو على شهادة دكتوراة معتمدة في الحزن المكلل بدموع لا تتوقف .
لا تملك إلا أن تقول سبحان الله، فأنت ترى بعينيك سرًا دفينًا من أسرار الكون. مهما تبارى العارفون في تفسيره لن يتجاوزوا المقدمة… ويظل الطريق طويلًا أمامهم، إنه السر الإلهي المذهل المسمى بالأمومة.
وبطلة قصتنا هى سيدة شعرت بألام مبرحة فى جسدها .. فتوجهت إلى عيادة طبيب مشهور.. الذى ألقى بالصدمة فى وجوهنا بعد فحصها .. فقال إن حالتها خطيرة تستدعي عملية جراحية عاجلة خلال ساعات .. فسألته عن أسباب مرضها .
فقال الطبيب إنها عادة تأتي نتيجة حزن شديد يعتصر القلب ويزلزل خلايا الجسد فتصاب بحالة من التشوه المميت. فردت السيدة على الفور وأسارير البهجة ترتسم على وجهها… هذا صحيح يا دكتور فقد حزنت وما زلت أحزن على ابني الشاب الذي خطفه الموت قبيل أن يقطف ثمار الحياة.
سألتها ونحن في طريقنا إلى المستشفى … ما سر كل هذه السعادة … قالت الحمد لله فقد أسعدتني شهادة الطبيب بأني لم أقصر في الحزن على ابني الغالي.
فليرحمك الله يا أمي