الدكتور كريم نفادي يكتب .. التدليس ومشتقاته
التدليس: مشتق من الدَّلَسِ، وهو في أصل معناه الظلام، ثم استعمل التدليس في اللغة بمعنى إخفاء العيب في المبيع ونحوه.
التدليس اصطلاحًا
وأما في الاصطلاح، فلم أقف على تعريف يجمع كل أقسام التدليس في تعريف واحد يشملها، وإنما يُعرّف التدليس بشر أنواعه وهو تدليس الإسناد، ولعل الجامع بين أقسام التدليس هو إخفاء العيب؛ ولذا فإن أقرب المعاني إلى ذلك ما قاله الطيبي في خلاصته وهو أن الحديث المدلس: “ما أخفي عيبه”.
أقسام التدليس:
قسم علماءُ المصطلح التدليسَ على عدة أقسام، واختلفوا في ذلك، فمنهم من عدها ستة، ومنهم من عدها أقل من ذلك أو أكثر، والذي جرى عليه أهل علماء المصطلح بعدُ هو تقسيم الحافظ ابن الصلاح، وأنّ الأنواع التي ذكرت في أقسام التدليس تدخل جميعها تحت هذين القسمين، كالخطيب البغدادي، والإمام النووي، والطيبي، وابن كثير، وابن حجر، والسخاوي، السيوطي، وغيرهم.
أما إذا جئنا إلى تقسيم ابن الصلاح، فقد قسّم التدليس إلى قسمين رئيسين، وهما:
1 – تدليس الإسناد.
2 – تدليس الشيوخ.
أولًا: تدليس الإسناد:
هو المراد بالتدليس عند الإطلاق، وهو أهم صوره وأشهرها وأكثرها وجودًا، وهو أن يروي غير الصحابي عمن سمع منه – أو عمن حصل له من اللقاء به ما يظن معه حصول السماع – ما لم يسمعه منه من حديثه، حاذفاً الواسطة، قاصداً إيهام السماع بإحدى طرق الإيهام. وهو بتعبير آخر: أن يروي الشيخ حديثاً فيسمعه بعض تلامذته عنه، لا منه، أي يسمعه بواسطة وليس من الشيخ مباشرة، ثم بعد ذلك يرويه عن ذلك الشيخ موهماً سماعه إياه منه بحذف الواسطة والتعبير بإحدى الطرق الموهمة للسماع، وهذا النوع من التدليس فيه إخفاء الانقطاع.
وعرف ابن الصلاح تدليس الإسناد بقوله: ” أن يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه، موهما أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه، ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر”.
وكذا عرفه الخطيب البغدادي والنووي وابن كثير، وابن جماعة، غيرهم.
وعرفه الحافظ العراقي بقوله: “وهو أن يسقط اسم شيخه الذي سمع منه ويرتقي إلى شيخ شيخه أو من فوقه فيسند ذلك إليه بلفظ لا يقتضي اتصال بل بلفظ موهم له كقوله عن فلان أو أن فلانا أو قال فلان موهمًا بذلك أنه سمعه ممن رواه عنه وإنما يكون تدليسا إذا كان المدلس قد عاصر المروي عنه أو لقيه ولم يسمع منه أو سمع منه ولم يسمع منه ذلك الحديث الذي دلسه عنه”.
وعلق الحافظ العراقي على تعريف ابن الصلاح بقوله: “وما ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور بين أهل الحديث” .