صبري حافظ يكتب .. معجزة فايي .. وإرادة هالر
خلت بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة بكوت ديفوار من الإثارة والمتعة المعتادة مقارنة ببطولات سابقة، إلا أنّها لم تخلُ من دروس، درس مدرب «الصدفة» إيمرس فايي والذى صنع منها معجزة، بجانب عودة الحياة «الوردية» الكروية لـ النجم سيباستيان هالر، وبات الثنائى علامة مميزة لـ النسخة 34 لـ أمم أفريقيا.
الصدفة والتوفيق قد يصنعان المعجزة ودون أرضية وموهبة تصبح الصدفة والتوفيق “استثناء” نجاح فى البداية ثم سقوط وعثرات ويصبح الطريق نحو الهدف «ضبابيًا».!
فايى مساعد جيان جاسكيه، لم يخطر بباله مع بداية مشوار منتخب بلاده بأمم أفريقيا أن يتولى القيادة الفنية كمدير فنى فى ظل وجود جاسكيه حتى مع إقالة الأخير – كان السيناريو المعروف- خروج منتخب بلاده من البطولة والبحث عن مدرب جديد، والمفاجأة أن تتعثر الأفيال لتنتشله “العثرة” من مقعد مساعد جاسكيه إلى الرجل الأول فى سيناريو دراماتيكى.
ولو خرج فايى من السباق بعد تخطى السنغال «القوي» حامل اللقب في «ثمن النهائي»، ثم مالى والوصول لنصف النهائى كان سينال الشكر والتقدير، وبعد أن كانت الأفيال تدير ظهرها لتوديع البطولة تحُط بالمربع الذهبى، لم يقتنع بهذا المربع وصمم مع رجاله «الأفيال» لاستعادة الكأس، فالحلم مع كل محطة يكبر، والجماهير تلتف وتراهن على المعجزة فكانت الفرحة الكبيرة عندما خرجت إلى النور.
فايى، لاعب الوسط وقاهر الصعاب لم ييأس بحثًا عن النجاح رغم ابتعاده عن المنتخب الإيفوارى، الذى خسر نهائى 2012، وحُرم أيضاً عندما فازت الأفيال باللقب 2015، وأجبر على إنهاء مسيرته فى فبراير 2012، وعمره 28 عامًا فقط بسبب الإصابة، ليخبئ له القدر” الأجمل” بأن يقود الإيفواريين للتتويج فى 2024.
رسالة فايى، أن المنظومة قد يكون اختيارها معتمدًا على حسابات وأرقام دون البحث عمّا وراء الأرقام من روح وكاريزما وفكر، وإعادة ترتيبها بعقلانية يجعل من خمولها نشاطًا،ومن عجزها قدرة، ومن تعثرها نهوضًا ونجاحًا.
كرة القدم ليست اسمًا وموهبة فقط ولكنها روحًا وإصرارًا وتنيظمًا.
وسيباستيان هالر صاحب الـ29 ربيعًا بات بطلًا فى بلاده، معجزته ليست فى هدفه الثانى هدف البطولة «المهارى والذكي» وتوقيته، بقدر دوره المحورى كـ قائد داخل الملعب.
رحلة هالر العلاجية وتخطيه أزمة السرطان بـ«الخصية» وتعافيه وإصراره على العودة كانت مصدر إلهام له ولزملاءه مع مدرب أشعل حماس لاعبيه واستعاد روح الأفيال.
هالر- قبل عام تقريبًا- كان التشويش والقلق يسيطران عليه وهو يخطو للعودة للملاعب بعد تعافيه، تحاصره صدمة المرض وحيرة النفس، تماسك مستمدًا من إنجازاته مع أياكس أمستردام الهولندى وأرقامه بدورى الأبطال الأوربى حافزًا لمواصلة النجاح.
جمع فايى وهالر، بين الصبر والثقة والأمساك بالفرصة «دون إيذاء أو مؤامرات» فجنى الثنائى وكتيبة الأفيال النجاح.
لخص هالر فى ختام السباق حكاية ترويها الأجيال، رحلة النهوض من فراش الموت إلى احتضان أغلى البطولات، ومن أمل يتضاءل لـ منتخب بلاده إلى التتويج، قائلًا: كان لا بد أن نؤمن بأنفسنا وهذا ما فعلناه، وجاءت المكافأة الجميلة فى النهاية، وهى كأس البطولة..!