أحمد زحام يكتب .. معرض الكتاب .. كل سنة وأنت طيب
جاءنا معرض الكتاب هذا العام ، وكأنه يشبه كل عام ، ولكنه يأتي بنسخة جديدة فيها شكوى ، وأنين من البائع والمشتري ، فيه فرجة ، وفسحة للعائلة ، مع ضيق ذات اليد ، فلا كتاب في متناول اليد إلا القليل في بعض دور النشر ، التي تعاني من الكساد ، حتى أن بعضهم جعلها شروة ، بالعشرين كتاب يبيع ، مع التخفيض في السعر ، وبعيدا عن دور النشر الحكومية كهيئة قصور الثقافة ، والهيئة العامة للكتاب ، والمركز القومي لثقافة الطفل ، والمركز القومي للترجمة ، والمجلس الأعلى للثقافة .. حدث ولا حرج ، بعض الكتب وصل سعرها لستمائة جنيه ، وكتاب الطفل لثلثمائة ، فكيف بالله عليكم يصل الكتاب ليد المشتري .
كثرت العناوين ، والأغلفة ، مع تطور في صناعة الكتاب من حيث الإخراج ، فأصبح يسيل لعاب المشتري ، الذي لا يملك ثمنه ، وخاصة أولياء أمور الأطفال ، الذين يخرجون بأولادهم من المعرض يا مولاي كما خلقتني ، صفر اليدين ، فيكتفون بالتصوير معها.
هل تقصد دور النشر أن تغل يد المثقف في الشراء ، على إعتبار أنهم مستغلون أشرار ؟ من منهم لا يريد البيع ؟ لا أحد ، بل أن بعضهم يخرج من المعرض بخسارة ليست بالقليلة ، وترجع الأسباب إلى مجموعة من العراقيل ، التي لا يلتفت إليها أحد من صناع القرار ، أولها : محليا .. إرتفاع أسعار الورق ، والأحبار ، ومستلزمات الطباعة بطريقة تكاد تكون جنونية ، ثانيها : خارجيا .. تلك دور النشر الواردة كتبها معها من خارج البلاد المشاركة في المعرض ، فيتم إضافة رسوم الجمارك عليها ، فيزيد من تكلفتها ، وبعضها يعود بكتبه كما هي ، وكما يقولون يكفيه شرف المشاركة .
وطبعا تكلفة مكافأة المؤلف غير واردة في الحسبة ، لأنه خارج المنظومة المالية لدور النشر ، لأنه لا يتقاضى أجرا في العادة ، وإن كان بعضهم يطبع الكتاب على حساب المؤلف ، المؤلف ذلك المسكين الذي يتحمل عند أكثر دور النشر التكلفة كاملة ، أو بالمشاركة ، على أن يحصل على عدد من النسخ القليلة ، في مشهد أراه هزلي .
كل هذا يحتاج إعادة النظر في الكتاب ، وأهميته في ثقافة المواطن المصري الذي أصبح لا يقرأ ، فهو لا يملك ثمن كتابه ، فلماذا لا يتم دعم الكتاب من قبل الدولة بإعتباره شريك أساسي في مواجهة ظاهرة التطرف التي تسود العالم العربي ، فيخرج الكتاب ومكوناته من دائرة الزيادات المستمرة في أسعار الورق والأحبار ، وما شابه ، نخشى أن يأتي يوما نرى فيه الكتاب في المناسبات السعيدة ، كما على الدولة أن تعفي الكتاب من رسوم الجمارك ، في الصادر والوارد ، تحية إلى الناشرين ، وإلى كل مشتري إستطاع شراء كتاب ، وكل عام وأنتم بخير .