التقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، نظيره الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اليوم الأحد لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى بحث قضية الاتفاق الإثيوبي مع إقليم أرض الصومال الانفصالي” صومالي لاند” المهدد للأمن المصري والعربي وأمن دول منطقة القرن الإفريقي.
وتأتي زيارة الرئيس الصومالي إلى القاهرة استجابة لدعوة مصرية رسمية له من الرئيس السيسي، نقلها وفد رفيع المستوى زار مقديشو مؤخراً.
ومن المقرر أن يناقش الرئيس الصومالي مع الرئيس المصري التحركات العربية والمصرية لمواجهة المخطط الإثيوبي بإنشاء منفذ بحري وقوة عسكرية بحرية على البحر الأحمر، خاصة أنه يمس الملاحة البحرية ويهدد أمن واستقرار المنطقة، فضلاً عن مخالفته لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار.
توقيت مهم لأثيوبيا
و اختارت إثيوبيا هذا التوقيت لإعلان تلك الخطوة نظرا لانشغال العالم بالأوضاع الجارية في البحر الأحمر، مع الحوثيين، واستمرار حرب غزة، وتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، لفرض حصوله على منفذ بالبحر الأحمر كأمر واقع دون مواجهات .
وأكدت المصادر أن أبي أحمد تورط في صراع مع المجموعات العرقية في بلاده، وهي “أمهرة” و”تيجري” و”أورومو”، ويحاول الإفلات من ذلك بمحاولة اللعب على وتر المصالح القومية للبلاد، وحاجة إثيوبيا إلى منفذ في مياه البحر للخروج من المأزق الداخلي وتوجيه الإثيوبيين إلى معارك أخرى خارجية.
وأكدت مصادر صومالية أن أبي أحمد يؤكد دائماً على ضرورة احتلال الموانئ الاستراتيجية على البحر الأحمر بأي وسيلة، وتحمل خطاباته رغبة ملحة في استئناف الحرب ضد إريتريا التي حرمته من ميناء عصب.
وتؤكد أن الانتصار على الصومال وإريتريا وغيرهما من الطوائف، هو الحل الأمثل للتغلب على الأزمة السياسية المعقدة في إثيوبيا.
كما أكدت المصادر الصومالية أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إثيوبيا تتعرض لضغوط كبيرة وتسبب أزمة لأبي أحمد، فعلى سبيل المثال فإن 70% من مناطق أمهرة وأورومو خرجت عن سيطرته، والاقتصاد في حالة من الفوضى، والبطالة والفقر آخذان في الارتفاع، وأزمة تيجراي لم يتم حلها بعد، فضلا عن استمرار سياسة الإقصاء والسيطرة على مجموعة عرقية واحدة، وهي ثقافة سياسية فشلت مرارا وتكرارا، وسببت التوترات في منطقة القرن الإفريقي.
وألمحت المصادر إلى أن اختيار أبي أحمد للصومال ليبحث فيها عن مغامرته الجديدة، جاء بعد فشله في الاستيلاء على ميناء عصب الاستراتيجي في إريتريا، وهو ميناء بحري ذو أهمية تاريخية كبيرة لإثيوبيا قبل حصول إريتريا على الاستقلال عام 1993، لذا يحاول البحث عن بديل يسهل الوصول إليه، وأعتقد أن الضعف والانقسامات بين الصوماليين ستمكنه من تحقيق أحلامه، مضيفين أن أبي أحمد أخطأ في تقدير قوة الشعب الصومالي وحماسته القومية، وتسبب في لفت انتباه الصوماليين لخطته المحتملة لضم ممر بين “زيلع” و”لجهاي” في أرض الصومال.
وكشفت المصادر أن هذه المنطقة التي يسعى أبي أحمد للاستيلاء عليها تقع بالقرب من زيلع، المدينة التاريخية المجاورة لجيبوتي، والواقعة في منطقة أودال، وهي أقرب رابط للحدود الإثيوبية مع أرض الصومال، ويتراوح طولها بين 60 و80 كم، وستتيح لإثيوبيا استكمال بناء ميناء تجاري وقاعدة بحرية، ما دفع دولا أخرى للانتفاض ضده دفاعاً عن مصالحها مثل إريتريا وجيبوتي والسودان ومصر، وأثار انتباه العالم إلى تجدد الصراع في المنطقة وتأثيره المحتمل على الاقتصاد العالمي.
تحرك مصري.. ودعم لـ الصومال
وكان سامح شكرى وزير الخارجية المصري، قد أكد خلال زيارته للعاصمة الأوغندية كمبالا للمشاركة في قمة دول عدم الإنحياز، ولقائه مع القائم بأعمال وزير خارجية الصومال، علي محمد عمر، تضامن مصر مع الصومال ضد المحاولات الرامية لانتهاك سيادته وسلامة أراضيه، والتأكيد على الأهمية التي توليها مصر لأمن واستقرار الصومال، والاستعداد لتسخير القدرات والإمكانيات المصرية لمساعدة الصومال في بناء كوادره الوطنية وتنفيذ خططه التنموية ودعم استقراره.
وفي الاجتماع الطارئ بالجامعة العربية، الأربعاء الماضي، لدعم الصومال، أكد وزير الخارجية المصري على عمق وجدية الاهتمام العربي بالتطورات الأخيرة في الصومال، والاستعداد لتوفير ما يلزم لها من دعم على المستويين الرسمي والشعبي.
وأشار شكري إلى سابق تحذير مصر من مغبة السياسات الأحادية لإثيوبيا المخالفة لقواعد القانون الدولي، وكذا لمبادئ حسن الجوار، والتي تهدف للعمل على فرض سياسة الأمر الواقع دون الاكتراث بمصالح الحكومات والشعوب الإفريقية، مضيفاً أن التطور الأخير بتوقيعها على اتفاق بشأن النفاذ إلى البحر الأحمر مع إقليم أرض الصومال جاء ليثبت صحة وجهة النظر المصرية بشأن أثر تلك التحركات والسياسات على استقرار الإقليم وزيادة حدة التوتر في العلاقات بين دوله، مؤكداً أن إثيوبيا باتت مصدراً لبث الاضطراب فى محيطها الإقليمي.
مذكرة تفاهم سقطت قبل بدايتها
ووقع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، مذكرة تفاهم مع رئيس أرض الصومال، موسى بيهي عبدي في بداية يناير الجاري لتأجير قطعة أرض بطول 20 كيلومترا على طول ساحلها لإثيوبيا من أجل إقامة قاعدة بحرية، وذكر مكتب أبي أحمد في بيان أن الاتفاق يعزز الشراكة الأمنية والاقتصادية والسياسية بين إثيوبيا وأرض الصومال، فيما قال عبدي إن الاتفاق يتضمن اعتراف إثيوبيا بإقليم أرض الصومال كدولة مستقلة في المستقبل القريب.
وهي مذكرة تلقى رفضا حتى في أرض الصومال التي تفضل عدم الانفصال وتتحفظ على هذه الحركة من جانب عبدي الذي يفضل مصلحته الخاصة على مصلحة الصومال ككل وجزء لايتجزأ
وقد اقرت الحكومة الصومالية قانونا يلغي اتفاق بربرة بين إثيوبيا وأرض الصومال” صومالي لاند”.