أحمد زحام يكتب .. في ذكراه .. صبري موسى
في ذكرى رحيله السادسة ما زلت أتذكر تلك الليلة التي هاتفتني فيها زوجته لتخبرني بما ألم به في توه، تصادف أن مكان تواجدي وقتها ليس ببعيد، فحضرت… عربة الإسعاف بالخارج، وبابه مفتوح وجيرانه يحضرون على التوالي للمساعدة، ما زال بداخل حجرته لم يغادر مكتبه، جالسا في كامل هندامه، سيجارة في يده اليسرى مشتعلة ما زالت وان قاربت على الانتهاء، والأوراق أمامه على المكتب لم ينته من كتابتها بعد… المصباح ترك الحجرة مظلمة واهتم بالأوراق أمامه وفنجان القهوة الموضوع بجواره لم يرشف بعد ، مائلا بجسده مستعدا للسقوط، ينظر في وجوهنا وننظر في وجهه، يحدثه رجل وآخر ولا يجيب عيناه مفتوحتان عن آخرهما طلب منه رجل الإسعاف أن يحمله، فلم يستجب، أحاطوا به لرفعه إلى محفظة الإسعاف فقاومهم، وأراد أن يقف وحده ففشل فاستسلم لهم… وأصبح ممدا على المحفة التي أمسكها رجلي الإسعاف بعد أن جرداه من سيجارته وقلمه.
في تلك الليلة أصبح المرض مصاحبا له ولم يغادره.
أحد عشر عاما مضت على مرضه، لا يخرج كثيرا، وان غادر بيته للضرورة يعود إليه سريعا محتميا به، محبا لفضله عليه في أيامه تلك، بعد عودته من المرحلة الأولى لمرضه وقدرته على استيعاب من حوله وتبادل الحديث مع الآخرين أصابه نهم القراءة كأنه كان يدري أن هناك وقتا كبيرا قد مضى دون أن يقرأ أو يكتب، حتى أنه كان يطلب جرائد وكتبا باسمها ليقرأها
حافظ المجلس الناعلي للثقافة على عضويته وكانوا يرسلون إليه الأعمال وما توصلوا إليه من قرارات أو توصيات لإبداء الرأي مما أثلج صدره وأراحه في الابتعاد عن تفكيره في مرضه الذي فرض عليه واقعا جديدا.
وكانت جريدة الأخبار عند عمل مسابقة أدبية تختاره محكما، وعلى غير العادة استخدم القلم في كتاباته حتى أنه هو الذي يجمع ويطرح ويكتب تقريره دون أن يمليه على الغير.
وفي تلك الأيام الخوالي فاجئته هيئة البريد بتكريمه في مؤتمرها الأدبي الأول عن كل أعماله وعن سيناريو فيلم البوسطجي بصفة خاصة.
وجاءت الزيارات من الأدباء والفنانين والصحفيين بمبادرات فردية بين الحين والحين، إلى أن توقفت بفعل الزمن، ويبقى كاتب السيناريو الكاتب الكبير الراحل محفوظ عبد الرحمن هو الأكثر اهتماما به من الأصدقاء .. لازمته زوجته الكاتبة والصحفية أنس الوجود رضوان في رحلة علاجه الطويلة إلى أن رحل.
رحمه الله .. كان محبا للحياة، ومازلنا نتعلم من كتاباته التي أثرت المكتبة العربية بروائعه الأدبية.