مجدي سلامة يكتب .. حتى لا تعيش متأخرا 700 سنة !
إذا كنت قد استقبلت 2024 بتمزيق هموم الماضي، وارتداء ثوب الفرحة، وبإشراقة أمل كبيرة، وربيع حلم أخضر .. و اعتبرت السنة الجديدة بداية مرحلة جديدة في حياتك، ثم عشت تلك الحالة لساعات قليلة، ووضعت كل هذه الأحاسيس في ثلاجة الذاكرة لاستخراجها بعد 365 يوما، أي مع بداية 2025.
إذا كنت قد فعلت ذلك، فاعلم أنك متأخر عن زمانك 700 سنة !
فمثل هذا كان مقبولا فى الماضى، ولكنه لم يعد صالحا فى عصرنا الحالى .. فى القرون الأولى كانت الحياة بطيئة الحركة، ولم تكن الأوقات تحسب بالساعة، وإنما بالأجزاء، فاليوم عبارة عن 12 جزءا، وكذلك الليل 12 جزءا، وكانت الأوقات تحسب بحركة الشمس نهارا أو النجوم ليلا، أو طبقا لساعات مائية أو رملية أو شمسية أو ظلية أو بخارية، وكل تلك الساعات لم تكن تعرف الدقيقة والثانية.
و كانت حركة التاريخ والناس بطيئة أيضا، فمن يريد السفر من مدينة لأخرى، كان يحتاج إلى أيام و أسابيع و شهور .. فالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- استغرق 8 أيام كاملة (وفى بعض الروايات 15 يوما) فى الطريق، مهاجرا من مكة إلى المدينة (حوالى 480 كيلومترا)، نفس المسافة يقطعها قطار الحرمين الآن فى ساعتين، وتقطعها الطائرة فى أقل من نصف ساعة، ويقطعها مكوك الفضاء فى حوالى 3 ثوان.
والمسيح وأمه العذراء استمرا سائرين ثلاث سنوات وستة أشهر وعشرة أيام لقطع مسافة 1033 كيلو مترا تقريبا من بيت لحم فى فلسطين إلى دير المحرق فى أسيوط بمصر، ثم العودة، وهذه المسافة يمكن قطعها بالطائرة فى 4 ساعات على الأكثر، وفى حوالى 10 ثوان بمكوك الفضاء.
ببساطة، حتى القرن الرابع عشر كانت البشرية تقيس يومها بالأجزاء حتى تم اختراع الساعة الميكانيكية، وساعتها فقط عرف البشر الساعة والدقيقة، وبعد قرن آخر عرف البشر الثانية.
والآن لم نعد نعيش فى زمن الثانية، بل فى زمن الفمتو ثانية .. و الفمتو ثانية جزء واحد من 1000 تريليون ثانية، أو ما يطلق عليه الكوادريليون.
هذا هو زماننا الذى نعيشه… ومن الخطأ أن نعيش فى زمن الفمتوثانية بنفس عادات من كانوا يقدرون النهار ب12 جزءا ..
زماننا السريع المتسارع يقتضى أن نبدأ كل يوم بنفس إحساس بداية العام الجديد، وأن نعتبر كل يوم بداية جديدة، بأمل جديد وحلم جديد، وبغير ذلك نكون متأخرين عن زماننا ب 700 سنة، أى كأننا نعيش فى القرن الرابع عشر!