صبري حافظ يكتب .. لن تنتصر !
تراجع حماس عن شرط وقف القتال نهائيا في غزة، لإبرام صفقة تبادل مع إسرائيل، وعقد هدنة طويلة تصل إلى 40 يوما لا يمثل ضعفا للحركة .
ليس تراجعا بقدر ما هو تكتيك استراتيجي في العرض واختيار الشرط المناسب في توقيته لتحقيق مكاسب على الأرض، خاصة أنها طرحت شرطا بديلا في نفس قوة «وقف القتال نهائيا»، عندما ألمحت ل «الوسطاء» في مصر وقطر بأنها لا تقف عند شرط وقف القتال نهائيا وانسحاب الاحتلال من غزة خلال هدنة ال 40 يوما .
ما يمنح الفصائل الفلسطينية القوة، إذ لا يعنيها كثيرا وقف الحرب نهائيا والقدرة على الثبات والصمود لأشهر طويلة مهما كانت قوة الآلة الإسرائيلية التي تحصد يوميا العشرات من الفسطينيين المدنيين الأبرياء، وكلمة «صمود» تؤرق كل إسرائيلي، وترفع معنويات الفصائل وتصب سلبا على الجيش الإسرائيلي .
والانسحاب من قطاع غزة في هدنة الأربعين يوما يضع إسرائيل في مأزق ويفرض مرحلة من الهدنة وتبادل الأسرى ويبعد شبح الحرب، وتتوارى معه شروط إسرائيل من تفكيك حماس، واستعادة الأسرى بالقوة، لصعوبة العودة ثانية إلى الحرب بسبب ترتيباتها المعقدة، وتذمر العالم، ما يجعل نتنياهو شاردا، بين رحى الشروط الحمساوية وسندان صعوبة تحقيق أهدافه، فأحلامه باتت سرابا، لا سيما بعد أن رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل بإبادة جماعية للشعب الفلسطيني، ما يقلق الحكومة الإسرائيلية من طلب المحكمة وقف القتال .
وكل يوم- رغم القتل والتدمير- تضعف إسرائيل معنويا ومن يناصرها «أمريكا أو الغرب» وتراجع الدول في الاصطفاف مع تل أبيب، ودب الانقسامات بين حكومة الحرب نفسها وهو ما جعل نتنياهو يبحث عن أي انتصار وعمل يرفع المعنويات بقتل القيادي الحمساوي صالح العاروري وحسين يزبك قيادي بحزب الله وغيرهما من قيادات فلسطينية وحزب الله !
ورغم أن إسرائيل «شبه تسيطر» على قطاع غزة، إلا أن هناك إشارات ورسائل تبعث بها حماس والفصائل تزرع اليأس في نفوس نتنياهو وأعضاء حكومته، من قتل العديد من جنود وضباط الجيش الإسرائيلي في حرب شوارع وكمائن ينزف معها بكثافة الدم الإسرائيلى ، ويصل عدد القتلى إلى 20 و30 دفعة واحدة وخلال «ثوان» ولا تعلن إسرائيل عن كل عدد قتلاها بدليل ما أكدته القسام مؤخرا بالفيديو عن مقتل 15 جنديا إسرائيليا بتفجير لغم «شرق حي التفاح» .
ورشق تل أبيب ومدن أخرى بعشرات الصواريخ مع دخول العام الجديد، كاشف عن وجود مخزون من الصواريخ والأسلحة بمتناول الفصائل ومفاجأتها يوما بعد يوم وفي توقيت ورسائل معينة .
ويزيد من فرضية خروج الفصائل منتصرة من هذه الحرب الخلاف الذي تتسع هوته بين أمريكا ونتنياهو، في رؤية الأخير لقطاع غزة بعد الحرب ودعوة المتطرفين في حكومة نتنياهو، خاصة وزيري الأمن القومي والمالية «إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش»، بعودة المستوطنين إلى غزة بعد أن سحبت إسرائيل عام 2005 جيشها و8 آلاف مستوطن من القطاع الذي كان محتلا منذ عام 1967 في خطة انسحاب أحادية قدمها رئيس الوزراء حينذاك آرييل شارون .
إسرائيل منذ حرب 67 لم ولن تعرف الانتصار الحقيقي بانسحابها من جنوب لبنان ووحلها في مستنقع غزة وغيرها من دول الجوار، وأحد الأسباب أن قادة إسرائيل دوما يواصلون القتل والذبح ليس لصالح الدولة بقدر الرغبة بالبقاء بمقاعدهم أو النجاة من السجن مثلما هو حال نتنياهو !