عجوز الموساد ” زامير”.. قاد عملية الرب..وفضيحة ” ليلهامر” و 6 أكتوبر كوابيس طاردته
تقرير- صبري حافظ:
توفي تسفي زامير، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد الأسبق، أحد الرموز المخابراتية في إسرائيل عن عمر يناهز 98 عاما.
ترأس جهاز المخابرات “الموساد” خلال الفترة بين عامي 1968 و1974، وخلال فترة توليه المنصب اندلعت حرب 6 أكتوبر من عام 1973.
وهاجر زامير إلى إسرائيل من بولندا، وخدم في مناصب عدة في الجيش الإسرائيلي قبل أن يتولى إدارة الموساد.
وقال وزير الدفاع يوآف جالانت عبر منصة إكس للتواصل الاجتماعي عن زامير: “ستبقى مساهمته في أمن إسرائيل في الأذهان لسنوات كثيرة قادمة.
بداية زامير
تسفي زامير ” 1925 – 02 يناير 2024 ” هو الرئيس الرابع لجهاز الموساد الإسرائيلي، وُلد عام 1925 ببولندا، تطوع كجندي في عصابات الهاجاناه والبالماخ الصهيونية.
وفي عام 1968 كُلف بإدارة جهاز الموساد حتى عام 1973، قاد زامير أكبر حرب استخبارتية في تاريخ إسرائيل والتي أطلق عليها عمليات “غضب الرب”.
عملية غضب الله أو عملية غضب الرب هي حملة اغتيالات أمرت بها رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير للانتقام من مجموعة أيلول الأسود التي قامت باغتيال 11 من أعضاء الفريق الإسرائيلي المشارك في الألعاب الأولمبية الصيفية 1972.
أيلول الأسود.. زامير يشاهد المأساة
قام فلسطينيون من منظمة” أيلول الأسود” التابعة لفتح بعملية فى ميونخ في 5 سبتمبر 1972، واحتجزوا جزءاً من الوفد الإسرائيلي كرهائن. وطلبت رئيسة الوزراء جولدا مائير من زامير السفر إلى ميونيخ، بعد أن رفضته السلطات الألمانية ، واضطر لمشاهدة الفشل الذريع وهو في مطار فورستنفيلدبروك.
ومن على سطح أحد المباني الإدارية المحاذية لبرج المراقبة، رأى الخطة الألمانية تنهار وشاهد يفتحون النار ويرمون قنابل الفوسفور على المروحيتين اللتين تم احتجاز الرياضيين فيهما.
وبحسب مذكراته المكتوبة باللغة العبرية بعنوان “عيون مفتوحة على مصراعيها”، قال زامير لرئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، “أنا آسف لإخبارك ولكن لم يتم إنقاذ الرياضيين. رأيتهم. ولم ينج منهم أحد.”
غادر زامير ميونيخ وهو غاضب من ألمانيا وكان مصمماً بشدة على تصفية الحسابات مع المنظمات النشطة في أوروبا.
و تردد على نطاق واسع أنه عند عودته إلى تل أبيب، كانت مائير هي من أعطته الأمر بمطاردة المسؤولين عن الهجوم وإحباط أي هجمات مستقبلية بشكل استباقي.
وكان لعملية الاغتيال التي قامت بها منظمة أيلول الأسود في ميونخ ضد الإسرائيليين صدى واسع، ليس في المنطقة فقط بل في الغرب.
و اعتمدت إسرائيل على تنفيذ عملية لاسترداد هيبتها المفقودة من مجموعة الاغتيالات التي تضمنتها هذه العمليات اغتيال الدكتور باسل الكبيسي، محمد بودية، محمود الهمشري، ووائل زعيتر.
و في 6 أبريل 1973، اغتيل في باريس المفكر والأكاديمي العراقي باسل الكبيسي (1934-1973) المناضل في صفوف الجبهة الشعبية والأستاذ بالجامعة الأميركية في بيروت، بإطلاق رصاصات كاتم صوت عليه، ولم يكن الراحل هدفا مستعصيا أو يتخذ إجراءات أمنية مشددة.
ولم يكن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس الراحل محمود الهمشري (1939-1973) متخفيا أو يعمل بمرافقة أو حراسة أو يتبع إجراءات أمنية خاصة حين اغتالته فرقة كيدون بعبوة ناسفة زرعت بهاتف منزله في باريس، وهو ما حدث مع الدبلوماسي حسين علي أبو الخير ممثل منظمة التحرير في قبرص بوضع عبوة ناسفة تحت سريره بالفندق الذي يقيم فيه.
ونجح الموساد في اغتيال الدبلوماسيين الذين يفترض أنهم يحظون بحماية أمنية من البلدان التي يقيمون فيها وكذلك المفكرين والأدباء والفنانين، ولكنه فشل الموساد في اغتيال معظم العناصر التي شاركت في عملية ميونخ أو ممن يتبعون إجراءات أمنية صارمة أو لديهم حس أمني عالِ، فلم يتمكن من الوصول إلى أبو داود أو إليتش راميرز سانشيز (كارلوس).
اليوم الأسود لـ الموساد” ليلهامر النرويجية”
ففي يوم 21 يوليو 1973 اكتشفت خيوط فضيحة الموساد في بلدة ليلهامر النرويجية، حيث اغتالت فرقة كيدون بالخطأ النادل المغربي الشاب أحمد بوشيخي الذي كان يشبه المسؤول الأمني بحركة فتح، علي حسن سلامة (1941-1979) قاهر الموساد و المطلوب الأول للموساد وجولدا مائير شخصيا، والذي ورد اسمه على رأس “لائحة أكس” للاغتيالات في ذلك الوقت بسبب مقتل 11 رياضيا أولمبيًا
ولم تكن الفضيحة في اغتيال” نادل” شبيه بريء فحسب، بل في العملية الفوضوية برمتها، رغم أنها تمت تحت إشراف ميداني لكل من رئيس جهاز الموساد آنذاك تسيفي زامير ومايكل هراري الملقب بـ”جيمس يوند الصهيوني” أحد أشهر الضباط الميدانيين للجهاز.
وقد تمكنا الاثنان من الفرار بأعجوبة من مسرح العملية، بينما قبضت الشرطة النرويجية على 6 من عناصر فرقة كيدون، وتم سجنهم ثم أطلق سراحهم لاحقا.
وتجلى هذا الفشل في إرسال 15 عميلا لاغتيال شخص واحد في قرية صغيرة هادئة، والخطأ في عملية المراقبة وتحديد الهدف بدقة، ثم إخفاء الأدلة والانسحاب الآمن.
وتمكنت الشرطة النرويجية من القبض بسهولة على معظم المنفذين، حيث كانت تنتظرهم ببساطة في مكتب تأجير السيارات بعد عودتهم لتسليمها، كما قبض على بعضهم في الطريق إلى المطار ولديهم فواتير ووصولات مالية لمحاسبة الموساد، وقبض على عنصرين في منزل مسؤول أمن السفارة الإسرائيلية بأوسلو.
وأحدثت عملية الاغتيال الفاشلة أزمة مؤقتة في العلاقات بين النرويج وإسرائيل، رغم نفي الأخيرة تورط عملائها، مدعية أن القتلة ربما تصرفوا من تلقاء أنفسهم كأفراد.
وتم إعادة فتح قضية مقتل بوشيخي، وفي عام 1998 أصدرت مذكرة جلب دولية بحق مايكل هراري، لكنها أغلقت قضيته العام التالي، مشيرة إلى أنه سيكون من المستحيل الحصول على إدانة بحقه.
انقاذ طائرتين إسرائيليتين لـ العال
وفي أغسطس 1973، علم ضباط زامير بوجود خطة لإسقاط طائرتي ركاب تابعتين لشركة العال.
وكان الهجوم وشيكاً، وسيتم تنفيذها بستة صواريخ أرض جو من طراز SA-7، و اتصل شخص بزامير وأبلغه بالخطة.
وتم إبلاغ السلطات الإيطالية، وتم اعتقال المتورطين فى الهجوم، وكانت الصواريخ ملفوفة في السجاد وجاهزة للاستخدام.
دوره في حرب 6 أكتوبر
كان زامير رئيسًا للموساد عندما هاجمت سوريا ومصر إسرائيل في السادس من أكتوبر 1973.
وروى فيما بعد بمرارة كيف أخبره أحد عملاء المخابرات البارزين أن القاهرة ودمشق تخططان لهجوم مفاجئ في أكتوبر 1973.
وأضاف أن المخابرات العسكرية الإسرائيلية تعاملت مع ذلك على أنه خدعة ونتيجة لذلك فشلت الحكومة في عمل التعبئة الكاملة مسبقًا.
مناصب عسكرية وبترولية
ومن بين مناصبه الأخرى في الجيش الإسرائيلي، كان قائد لواء جفعاتي، وقائد مدرسة المشاة، وقائد لواء في عملية قادش، وبين أعوام 1962 و1965 كان قائد القيادة الجنوبية، وكان آخر منصب له في الجيش الإسرائيلي هو ملحق عسكري في إنجلترا والدول الإسكندنافية.
وبعد تقاعده من الموساد في سبتمبر 1974، شغل زامير عدداً من المناصب في شركات إسرائيلية جلها يعمل في مجال الطاقة، ومنها منصب الرئيس التنفيذي لشركة “سوليل بونا”، ثم الرئيس التنفيذي للمصافي النفطية.
وبين 1991 و2000 كان رئيسا لمعهد النفط والطاقة الإسرائيلي، و أيضا عضوا في لجنة شمغار للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين حيث لم يغب زامير تماما عن الساحة السياسية.