كُتّاب وآراء

شريف جبر يكتب .. العلاقة الوثيقة بين تغير المناخ و تلوث البيئة

الحفاظ على التوازن في البيئة، هو السبيل إلى بيئة صحية نظيفة متوازنة، وكل ما يحيط بنا من إنسان وحيوان ونبات وجماد. وهذه العناصر متحدة معا بعلاقات مختلفة ومتبادلة تشكل البيئة.

وإلا سيحدث خلل بيئي إثر نقص أحد العناصر أو تغيرها. إن أحد مسببات الخلل البيئي هو: التلوث بجميع أشكاله؛ وقد يكون هذا التلوث هوائيا أو مائيا أو تلوث التربة؛ مما يسبب خللا يهدد الحياة على سطح الأرض، والذي يكون سببه الإنسان وأنشطته بشكل رئيس؛ فإلقاء عوادم المصانع والنواتج الكيميائية ذات السمية العالية في البحار، ومجاري المياه يؤدى لتسمم المياه وتلوثها، ومن ثم تلوث التربة المجاورة لها، وبث دخان عادم التصنيع في الهواء المحيط بها والذي ينتشر في الغلاف الجوي، وكذلك استخدام المبيدات الحشرية بشكل مفرط، واستخدام الأسمدة الكيماوية والهرمونات في الزراعة واستخدام الأشعة بأنواعها، وإنشاء المصانع بالقرب من الأحياء السكنية، وطرح النهر وإلقاء مخلفاتها الصناعية والصحية في النهر دون أي مراعاة ودون توفيق أوضاعهم في غفلة من الحكومات والرقابة وأيضا عوادم السيارات، والمواد الكيميائية المستهلكة يوميا، كلها تؤدى إلى تلوث البيئة وضررها.

إننا اليوم نبتعد بشدة عن الحياة الصحية السليمة التى كان أجدادنا يعيشون فى أطرها، وذلك بسبب التقدم التكنولوجى، وانفتاح باب الاختراعات الفتاكة على مصراعيه؛ فالكيماويات باتت تجرى فى دمائنا مجرى الدم؛ لشدة تعلق الإنسان بها واستخدامها؛ لزيادة المردود المالى، والانتاج الضخم، وغيرها من الأهداف الأخرى.

لقد وصل الأمر إلى احداث مشاكل بيئية عالمية، تؤرق المنظمات العالمية والباحثون فى مجال الصحة والسلامة العامة؛ فالدخان والغازات السامة التى تتصاعد يوميا فى طبقات الجو العليا سببت ثقب الاوزون، وادخال كميات كبيرة من الأشعة الضارة، وبذلك ظهرت أمراضا جديدة، وتعقدت تلك البسيطة، فلا ريب أنك تسمع عن تزايد أعداد المصابين بأمراض السرطان بأنواعه، وأمراض الأجهزة التنفسية، والاضطرابات العصبية. لكن أخطر من ذلك كله آفة هذا العصر؛ وهو التلوث بالاشعاعات الذرية والنووية، نتيجة لاستخدام المفاعلات عسكريا وصناعيا.

ونتيجة لتلوث الهواء؛ فان المياه النقية المنهدرة من السماء تتلوث، وقد ظهر–أيضا بسبب ذلك- ما يسمى بالمطر الحمضى، الذى يضر بالغطاء النباتى، والتربة والحيوان، وحتى الجمادات، كل ذلك أدى لقتل أعداد هائلة من الكائنات البحرية، ناهيك عن التلوث المائى الناتج عن ناقلات النفط ومشتقاته، والأملاح شديدة السمية؛ كالزرنيخ والزئبق، وأملاح المعادن الثقيلة؛ كالرصاص، وكذلك استخدام الأسمدة الصناعية والكيميائية بكثرة.

ومن متطلبات عصر التكنولوجيا استخدام الأجهزة الإلكترونية، وقد أنتجت هذه الأجهزة نوعا جديدا من التلوث؛ بسبب ما يصدر عنها من أشعة ضارة.

والمراكب السياحية النيلية والتى تلقى مخلفاتها فى النهر لتلوثة دون أدنى رقابة من المسؤولين عن البيئة
إن أشد ما يثير الغرابة؛ أن المسبب الرئيسي لهذه السلسلة الطويلة من التلوثات هو الإنسان، وهو أول من ينال عواقب التلوث الوخيمة أيضا؛ فهى دائرة لا تنتهى من المؤثرات والمتأثرات ضمن إطار البيئة التى نحياها على سطح الأرض.

200 مليار دولار هي تقريبا قيمة الأرباح التي حققتها أكبر 5 شركات نفط عملاقة في عام 2022 فقط! هذا بخلاف ماحققتة الدول الصناعية الكبرى من أرباح بالمليارات نتيجة بث إدخنة مصانعهم وصناعاتهم فى الهواء ليلوثة ناهيك عن المخلفات الصناعية والتى يتخلصون منها بالقائها فى البحار ودفنها فى باطن الأرض مما يلوث المياه الجوفية .

وفي مقابل ذلك، لا يزال سكان دول الجنوب العالمي، وخصوصا سكان منطقتنا الذين يقفون في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، يدفعون ثمنا باهظا بسبب آثارها رغم أنهم ليسوا مسؤولين عنها.

عمالقة النفط والغاز هم من تسببوا بأزمة تغير المناخ، وقد حان الوقت لإلزام شركات النفط الكبرى والدول الصناعية الكبرى المتسببة فى التلوث بدفع ثمن الدمار المناخي الذي تتسبب به! لذلك نطالب دول العالم بمحاسبة الملوثين التاريخيين: حيث أن أرواحنا قبل أرباحهم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى