كُتّاب وآراء

سمية عبد المنعم تكتب .. أمريكا .. والقضية الفلسطينية العادلة

كعادتها التي يتوارثها حكامها الواحد تلو الآخر، وكأنها وصية واجبة التنفيذ، أو مادة أولى في دستور بلدهم المدان، تقف أمريكا حائط صد تجاه كل ما من شأنه خدمة القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع الدامي الذي طال أمده، بل تتفنن في خدمة طفلتها المدللة ولو أريقت في سبيل ذلك أنهار من دماء أطفال وشباب فلسطين، وقد تحول الأمر من استخدامها حقوقا تبدو قانونية كحق الفيتو في مجلس الأمن باعتبارها أولى الدول العظمى، وهو ما استغلته أكثر من مرة ضد القضية، على مدار تاريخ تفجرها، أذكر منه ما حل ذكراه منذ أيام، ففي ديسمبر ٢٠١٧، صوتت أمريكا ضد قرار مصر برفض قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس الشريف، رغم التفاف العالم حول الموقف المصري وتصويت 14 دولة بالموافقة… ليصل بها الأمر الآن إلى فرض ما تراه صحيحا بغض النظر عن مدى شرعيته، ورفض المجتمع الدولي له، كأنها صارت «بلطجيا» يمسك بمطواته ليطوح بها في وجه من يعترض طريق ابنه الغبي، الذي أشقى العالم بأطماعه ووحشيته.

و عليه، فلا أراه منطقيا أن يتم الحديث عن حلول تفاوضية مطروحة فيما بعد فرض وقف الحرب بغزة قبل أن ترفع أمريكا وأنصارها أيديهم عن مناصرة إسرائيل ومدها بالمال والعتاد والتأييد، فلا أقل من إن يتساوى الطرفان «دعما»، حتى يمكننا الالتفاف حول دائرة نقاش موضوعية ومحايدة تكون نتائجها منصفة لا جائرة.

و هو بدوره ما يلزمنا عند التفكير في حل الدولتين لتحقيق الاستقرار في المنطقة، بعد ما لحق غزة من دمار وتخريب، وهو الأمر الأكثر طرحا وتداولا الآن.

ربما كانت مسألة حل الدولتين- قبل وبعد طوفان الأقصى- الأساس الموضوعى لمعالجة القضية الفلسطينية وفق المقاربة العربية، ويعنى حل الدولتين وجود دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية تتعايشان جنبا إلى جنب بسلام، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وتشمل الضفة وقطاع غزة، أى حدود 4 يونيه 1967 والتى أقرتها الأمم المتحدة وقواعد مؤتمر مدريد للسلام، وقد كان مبدأ حل الدولتين هو المحدد الرئيسى الحاكم للموقف العربى طوال سنوات من القضية الفلسطينية، ومنطلقا رئيسا للمبادرة العربية للسلام التى طرحت فى 2002.

لكن حل الدولتين يقتضى وجود دولة فلسطينية مستقلة وفق الحدود المقررة دوليا، دون أى وجود استيطانى أوعسكرى إسرائيلى، غير أن إسرائيل كانت قد بدأت فى نشاطها الاستيطانى منذ عام 1967 فى إطار ما عرف ب «مشروع ألون» الاستيطانى، الذى نسب إلى «يغال ألون» وزير العدل الإسرائيلى فى ذلك الوقت، والذى طرح فكرة الاستيطان فى إطار استراتيجية إسرائيلية سعت إلى فرض أمر واقع جديد يخدم الاحتلال ويضيق مجال الخيارات المتاحة للتسوية.

نعم، يظل حل الدولتين، إذا ما تم فرض قرار إيقاف الحرب بغزة، الأساس الواقعى لمعالجة القضية الفلسطينية، ومنع تكرار الصراع، لكن سياسات الاحتلال الإسرائيلى تجاه المناطق المحتلة والأراضى الفلسطينية فى السنوات الأخيرة، أدت إلى تضاؤل فرص هذا الحل، وتراجع نجاحه، وذلك بسبب سياسات التوسع الاستيطانى الإسرائيلية، الذى يحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة الأجزاء، فقد أصبحت هذه المستوطنات تصل إلى قلب الضفة وتقف حجر عثرة أمام الاتصال الجغرافى بين القدس والضفة وغزة.

ترى هل تقبل أمريكا وأنصارها أن يتم هدم تلك المستوطنات الإسرائيلية مثلما تم هدم وتدمير غزة، لكن باختلاف الوسيلة والغاية، فلا ضحايا ولا جرائم حرب سترتكب، فقط إجلاء وهدم حتى يتم البدء فى حل الدولتين دون عراقيل تلوح فى الأفق؟ بالطبع لسنا بحاجة لاستنتاج الإجابة .. فجميعنا يعلمها !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى