توبكُتّاب وآراء

الإعلامي حمدي رزق يكتب: منسوب الرضا العام !

معدل الرضا العام (CSAT) مقياس يستخدمه المسوقون لتحديد مدى رضا العملاء عن منتج أو خدمة.
يتم احتساب هذا المعدل من خلال استبيانات قصيرة تُرسل للعملاء، حيث يُطلب منهم تقييم تجربتهم باستخدام مقياس يتراوح عادةً من 1 إلى 5، أو من 1 إلى 10، حيث يشير الرقم الأعلى إلى مستوى رضا أكبر.
تعتبر نتائج معدل الرضا العام مؤشرا يخبر المسوقين عن مدى تأثير خدماتهم على الجمهور، فإذا أظهرت النتائج رضا عالٍ ، فهذا يدل على أن الرسالة وصلت، ولاقت استحسانًا، و إذا كانت النتائج سلبية، ما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في الخدمة المقدمة، والاستراتيجيات الترويجية المستخدمة، سواء من حيث الرسالة، التصميم، حتى المنصات العاملة عليها.
ما ينقص حكومة الدكتور ” مصطفى مدبولي ” مقياس الرضا العام، وهذا أمره يسير ويمكن أن يوكل قياسه إلى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء، يكلف بقياس منسوب الرضا العام عن سياسات الحكومة في مفتتح عام جديد.
إذا أمتلكنا مثل هذا القياس، ووفق نتائجه ستتغير خرائط كثيرة، وسيعاد النظر في سياسات مستدامة، وسنقف على مردود السياسات الحكومية على الشارع، وسنفك شفرة الرضا العام، وسنصل إلى معدلات رضا مقبولة إذا خبرنا الأرض التي تقف عليها الحكومة.
الحكومة تجتهد في تنفيذ استراتيجياتها التي تستهدف الرضا العام، ولكنها كمن يعمه في الظلام المعلوماتي، الحكومة ترى أنها لم تقصر في شيء، وتصل الليل بالنهار، وتجتهد ما استطاعت إليه سبيلا، لكنها لم تختبر وقع خططها على الناس، لم تقف على مقياس الرضا العام، لو اصاخت السمع للشارع لوفرت على نفسها جهدا، ولصوبت نحو الهدف، فلا تهدر طاقاتها، ولا تستفد وقودها الحيوي في الهواء.
الأسبوع الماضي وقفت على تقرير منظومة الشكاوي الموحدة التابعة لمجلس الوزراء، وحصاد المنظومة يصلح مقياس الرضا العام، وأرقام الشكاوي المليونية تؤشر على مستويات الرضا العام، وكفاءة أداء الدولاب الحكومي في تقديم وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين وهذا ما يؤثر على مستويات الرضا العام.
التحليل الأمين لتقارير المنظومة شهريا يترجم حرفيا مستوى الرضا العام، كلما قلت نسب الشكاوي تترجم زيادة في منسوب الرضا العام، وكلما زادت الأرقام شهرا بعد شهر فالعكس صحيح انخفاض في مستوى الرضا العام.
الرضا العام أسمى أمانينا، والحكومة التي تنال الرضا والقبول عليها أن تحمد الله كثيرا، صعب أن تنال الحكومة الرضا العام ولو واصلت العمل ليل نهار، لكنها تنال بعض الرضى إذا بلغت خدماتها المواطنين بكرامة إنسانية.
على قول طيب الذكر الشاعر ” سيد حجاب ” في تتر ليالي الحلمية، “ومنين بيجى الرضا .. من الإيمان بالقضا”، وهذا مفروغ منه، وكما قال طيب الذكر “إبراهيم ناجي” في قصيدة الأطلال بصوت كوكب الشرق، “يا حبيبي كل شيء بقضاء
/ ما بايدينا خلقنـا تعساء”.
الرضا العام دين الحكومة وديدنها، وعبارة “دينه وديدنه” تعني أن الشيء هو عادته وطبيعته وسنته التي لا يحيد عنها، هل تحفل حكومة الدكتور مدبولي بالرضا العام، هل تحوز الرضا العام، هل من مستهدفاتها الرضا العام، هل لديها مقياس للرضا العام، لو امتلكت مثل هذا القياس لفازت بالرضا العام .
يوم تمتلك الحكومة مثل هذا المؤشر لمستوى الرضا العام ستقف على مواطن التململ الشعبي، وتعالج القصور الحكومي، وترفع مستويات الأداء .
أخشي كل خدمة حكومية تقدم تخلف غصة في الحلوق، ورغم توفر الخدمة، لكن كفاءة تقديمها وتيسيرها للمواطنين ليست على مستوى يترجم رضا مرتجي.
التنويه عن الرضا العام ليس من قبيل تزجيه الفراغ، أو كلام ساكت، الناس تدغدغ بكلمات لم تترجمها الحكومة، ولم تلقط الحكومة شفرة الشارع، المواطن ترضيه تاخد عينيه، وكلمة طيبة خير من خدمة يتبعها أذى، والمواطن لا يطلب الكثير، ويكفيه لقيمات يقمن صلبه، فقط بكرامة إنسانية.
فليجرب رئيس الوزراء مقياس الرضا العام عن خدمات التأمين الصحي، هذا على سبيل المثال، فليجرب مستويات التيسيير في العلاج على نفقة الدولة، طبعا سيرد مركز المعلومات بالأرقام، غابة من الأرقام عن حجم الدعم المقدم، وعدد الطلبات، ويلقمك حجرا ثقيلا .
فقط نجرب مقياس معدلات الرضا العام ، الخدمة متوفرة، والموازنة مرصودة، وقرارات العلاج على شبكة الإنترنت لا تستغرق قدر ضغطة على الكمبيوتر .
راجع سيادة رئيس الوزراء عدد الشكاوى في قطاع الصحة تحديدا من خلال تقارير منظومة الشكاوى، فيها ما نقول وزيادة وبالأرقام.
لاقيني ولا تغديني، مقدمو الخدمات، حراس البوابات الأمامية، الرضا يبدأ من هناك، هل هؤلاء البيروقراطيين على مستوى يؤهلهم لتقديم الخدمات وتيسير الطلبات، ما ينتج الرضا عن الخدمات، ما يسهم في تنمية الرضا العام.
تتعدد الاسباب، راجع سيادتك شكاوى خدمات التموين، شكاوى المستفيدين من تكافل وكرامة، كل هذه الخدمات التي يجب أن تصب في منسوب الرضا العام، لا تحقق بعض مستهدفاتها، ودليلي الشكاوى في المنظومة وهي شكاوى كاشفة عن تردي مستويات تقديم الخدمة رغم إتاحتها مركزيا وبكفاية .
أعلاه بعض أمثلة واقعية ومن واقع تقارير منظومة الشكاوى، واحتراز وجوبي ، لا تبخس حق الوزراء المجتهدين في الثناء على جهدهم وتفانيهم، ولا تقلل من حجم الجهد المبذول حكوميا ، و لا نبخس حجمالدعم المرصود للفئات الأولى بالرعاية، ولكن ترجمة هذا الجهد الجهيد، وأن يصب في نهر الرضا العام هي القضية ، ولا انتظر منكم ردا، بل توجيه بقياس الرضا العام عامة أو بشكل تجريبي على خدمة مقدمة للجمهور، وقياس مدى الامتنان الشعبي.

الأهرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى